بعد 17 سنة من اعتماد النظام البيداغوجي الجامعي الحالي، بمؤسسات التعليم العالي بالمغرب، قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي التخلي عن هذا النظام (إجازة، ماستر، دكتوراه)، واعتماد نظام جديد يعرف بنظام “البكالوريوس” (Bachelor) ، وهو نظام تعتمده عدد من دول العالم، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.
النظام الجديد، الذي كان مقررا بدء العمل به فعليا انطلاقا من الموسم الجامعي 2020-2021، قبل أن يتقرر تأجيله بسبب تداعيات جائحة “كورونا”، كشفت وزارة التربية الوطنية لأول مرة عن تفاصيله، يوم الثلاثاء 07 يناير 2020 بمراكش، خلال افتتاح المناظرة المغربية الأمريكية، المنظمة حول موضوع “الإصلاح البيداغوجي الوطني بالتعليم العالي.
وفي هذا الصدد، فإن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي قد قررت تأجيل العمل بنظام البكالوريوس، في جميع مؤسسات التعليم العالي، والمتمثل في أربع سنوات للدراسة بالنسبة إلى سلك الإجازة بدل الثلاث سنوات الموجودة حاليا، إلى الموسم الجامعي 2021-2022، وذلك راجع إلى الظرفية التي تعرفها البلاد جراء جائحة كورونا.
ووجهت الوزارة، رسالة لرؤساء الجامعات المغربية، تحمل رقم 10/247 مؤرخة في 4 يونيو الماضي، بشأن اعتماد مسالك التكوين برسم دورة 2020، وبموجبها أعلن أنه سيتم منح تمديد استثنائي لسنة إضافية “السنة الجامعية 2020-2021″، أملته ظروف فيروس كورونا المستجد.
موعد اعتماد النظام الجديد
في غضون ذلك، كشف وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، سعيد أمزازي، يوم الثلاثاء 09 فبراير الماضي، أن الوزارة بصدد اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتنزيل نظام البكالوريوس بالمؤسسات الجامعية في شتنبر المقبل.
وأوضح أمزازي، في معرض جوابه على سؤال حول “توفير الموارد البشرية اللازمة لإنجاح نظام البكالوريوس” بمجلس المستشارين، أن نظام البكالوريوس سيمكن من تجاوز أعطاب النظام البيداغوجي القديم، مبرزا أن القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين يتيح فرصا لملاءمة النظام البيداغوجي مع باقي الأنظمة المعتمدة على الصعيد الدولي.
وأضاف أنه تبين، وبعد إجراء تقييم للنموذج القديم الذي اعتمدته الجامعات المغربية منذ سنة 2003 في إطار “إجازة ماستر دكتوراه”، وجود هدر جامعي وإحباط من طرف الأساتذة والطلبة بشأن المشاكل الناجمة عن النظام البيداغوجي القديم، خاصة فيما يتعلق بملاءمة التكوين الجامعي مع متطلبات سوق الشغل.
وتابع أمزازي بالقول، إنه كان من المقرر بدء العمل بهذا النظام الجديد خلال السنة الجامعية المنصرمة، غير أن جائحة كورونا وما ترتب عنها من تداعيات عثرت هذه الدينامية التي تمت بلورتها على مستوى الجامعة.
وأفاد الوزير، أنه تم الاعتماد على مقاربة تدريجية وتجريبية، حيث عبرت 12 جامعة على الصعيد الوطني عن رغبتها في الانخراط في هذا المشروع البيداغوجي الجديد، مضيفا أن الوزارة طلبت من المؤسسات الجامعية الراغبة في تنزيل هذا المشروع، اقتراح بعض المسالك الدراسية من أجل تنزيل هذا النظام الجديد بشكل تجريبي.
أهداف نظام البكالوريوس
أكدت وزارة التربية الوطنية، أن هناك سياقا عاما دفع إلى إرساء نظام البكالوريوس، إذ أن هناك ضرورة لإرساء نموذج جديد للتكوين الجامعي بهندسة بيداغوجية جديدة، وهو ما يتوافق مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي 17-51 من المادة 12، وتوصيات اليوم الوطني للإصلاح البيداغوجي المنعقد بمراكش يومي 2 و3 أكتوبر من السنة قبل الماضية.
وتسجل الوزارة، أن التقارير الدولية المنجزة من طرف البنك الدولي تدعو إلى تطوير التكوين الجامعي في البلاد، وهو ما يتوافق مع التقارير المنجزة من طرف الجامعات حول خلاصات المشاورات الخاصة بإصلاح المنظومة البيداغوجية، واجتماعات لجان عدة ضمت رؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات الجامعية وأساتذة التعليم العالي.
وفي تقديم خاص بنظام “البكالوريوس”، توضح الوزارة، أن من الأهداف المرجوة من هذا النظام الجديد، الرفع من المردودية الداخلية خاصة بمؤسسات الدخول المفتوح، وذلك في محاولة للحد من الهدر الجامعي والرفع أيضا من نسبة الإشهاد، مضيفة أنه سيكون من غايات النظام تحسين قابلية التشغيل وتطوير روح التنافسية لدى الطلاب، بتمكين الطلاب من اللغات، والكفاءات الحياتية والذاتية، وتطوير الثقافة العامة.
كما يهدف نظام الباكالوريوس، وفق معطيات رسمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إلى تحسين قابلية التشغيل وتطوير روح التنافسية لدى الطلبة، وتحسين الحركية الدولية للطلبة، بالإضافة إلى تشجيع انفتاح واستقلالية الطلبة بجعلهم فاعلين في تعلماتهم.
ويتوخى المشروع البيداغوجي الجديد، إرساء نظام توجيه نشط بمؤسسات التعليم العالي، وإدماج الكفايات الحياتية والذاتية بالهندسة البيداغوجية، وإلى التعلم والتمكن من اللغات الأجنبية، فضلا عن إدراج نظام الإشهاد بالخصوص في اللغات الأجنبية، وتشجيع العمل الشخصي، وتنمية تعزيز القدرات الرقمية للطالب، وإلى الانفتاح على حقول معرفية أخرى، وكذا وضع نظام الأرصدة القياسية للمحافظة على المكتسبات.
مميزات نظام الباكالوريوس
وسيمكن اعتماد هذا النظام الجديد، من الانفتاح بشكل أكبر على أنظمة التعليم الدولية، خاصة أنظمة الدول الأنجلوسكسونية، التي أبانت عن فعاليتها، علما بأن حوالي 50 جامعة أمريكية تتواجد ضمن تصنيف أفضل 100 جامعة عالمية التي تنشره مجلة تايمز للتعليم العالي.
ويُعد نظام البكالوريوس الشهادة الجامعية الأكثر انتشارا والأكثر اعتمادا بالعالم، حيث إن اعتماد هذا النظام من طرف المملكة يأتي عقب توصيات المؤسسات المغربية، التي قامت بتقييم للنظام الجامعي القديم (إجازة ماستر دكتوراه) ورصدت به عددا من النقائص، كما من شأن نظام البكالوريوس، أن يسهل من حركية الطلبة المغاربة في المؤسسات الدولية.
وسيمكن هذا النظام الطلبة من اكتساب القدرات وتقوية تعلمهم للغات الأجنبية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة، ويمتاز نظام البكالوريوس بالمغرب بمجموعة من المميزات أهمها أن الدراسة فيه ستكون خلال أربع سنوات، ليتحصل من خلالها الطالب بعد ذلك على دبلوم البكالوريوس.
وستكون السنة الأولى من نظام البكالوريوس تمهيدية، وسيتم التركيز فيها على مواد التواصل، والتفتح وستكون سنة توجيهية بامتياز، كما أنه ليس من الضروري أن يقضي الطالب أربع سنوات ليحصل على شهادة البكالوريوس، بل ستكون هناك مرونة ستمكن بعض الطلبة القادرين على الحصول على الدبلوم في ثلاث سنوات فقط.
وفي هذا الإطار، أوضحت وزارة التربية الوطنية، أن الجامعات ستعتمد فترة انتقالية في إطار تنزيل هذا النظام الجديد، الأمر الذي يعني أن البكالوريوس سيهم حصرا طلبة السنة الجامعية الأولى (2021-2022)، فيما سيواصل طلبة السنة الثانية دراستهم وفق النظام الحالي (إجازة ماستر دكتوراه).
الهندسة البيداغوجية للبكالوريوس
العمل بنظام البكالوريوس يعني انتقال المغرب في نظامه التعليمي الجامعي من النظام الحالي (إجازة، ماستر، دكتوراه –(LMD إلى نظام تعتمده العديد من الأنظمة الناطقة بالإنجليزية في تعليمها، حيث تكون مدة الدراسة أربع سنوات بعد شهادة الباكالوريا، وستكون الهندسة البيداغوجية المعتمدة في سبيل إرساء هذا النظام كالتالي:
– سنة أولى في الجامعة ستكون سنة تأسيسية، بفصل أول يتضمن 52 وحدة معرفية، ووحدتين للانفتاح العام، و12 وحدة في اللغات الأجنبية، ويسمى الفصل الأول “Study SK”، والفصل الثاني من السنة الأولى سيطلق عليه نفس تسمية الفصل الأول، وسيتضمن نفس المنهاج والكم والتنويع في الوحدات الملقنة للطلاب.
– وفي سنة جامعية ثانية، والتي يطلق عليها الجذع المشترك، سيطلق على فصليها الثالث والرابع اسم “Life SK”، وسيتضمن كل فصل 78 وحدة معرفية، و4 وحدات للانفتاح المتخصص، و6 وحدات في اللغات الأجنبية.
– أما العام الثالث وهو عام التخصص، فيضم فصلان خامسا وسادسا سيطلق عليهما اسم “Civic SK”، وسيضم كل واحد منهما 104 وحدة معرفية، وأربع وحدات للانفتاح والتخصص.
– وفي العام الرابع، سيكون الفصل السابع والثامن اللذان سيطلق عليهما إسم “Professional SK”، مرتكزين في كل فصل على 104 وحدة معرفية كما في العام الثالث، لكنهما بخلاف العام الثالث سيضم كل منهما وحدتين خاصتين بالمشروع المؤطر.