الرئيسية / الأسرة و المجتمع / أحزننا ريان ولكن إرحمونا ولا تتلاعبوا بذاكرتنا

أحزننا ريان ولكن إرحمونا ولا تتلاعبوا بذاكرتنا

■ بقلم : رضوان بلغازي

تألمنا ونحن خارج الوطن، كما تألم جميع المغاربة لوفاة الطفل ريان.
لكن مشكلتنا سواء في الحادث المحزن مع ريان او مع حوادث عديدة ،هو أننا شعب ننسى بسرعة.
لهذا اسمحوا لي على الإطالة لأن الصبر من تراكم الأحداث المشابهة تراكمت علينا وصار من العادة ان ننسى بسرعة وهذا مايؤلم أكثر.
فنحن نتحدث عن فاجعة ريان رحمه الله وكأنها هي الأولى في تاريخ المغرب، وهذا هو الخطأ القاتل الذي نرتكبه، فالكل يتحدث عن الطفل ريان وكأنه الطفل الوحيد الذي زهقت روحه وذهب إلى مثواه الأخير بإهمال مشابه أو أخطر منه.
فهل نسيتم الطفلة هبة التي احترقت حية بجماعة سيدي علال البحراوي، نتيجة التدخل العشوائي من طرف الوقاية المدنية، والنقص في معدات التدخل السريع؟ أو لم تكن الكاميرات مسلطة على هبة والرأي العام الدولي الذي كان يتابع حادث ريان رحمة الله عليه كان يتابع حالتها كذلك؟
هل أيضا نسيتم قبل سنة من الآن الطفلين الصغيرين أبناء العم بنفس الجماعة ، سليمة ووليد المزدادان بتاريخ 2018 و 2019. حيت قدما من القنيطرة إلى ضيعة  بضاحية سيدي علال البحراوي فاهتزت أنذاك ساكنة الجماعة على وقع خبر وفاتهما ، وذلك جراء غرقهما بحفرة مملوءة بالأمطار تعود لجدهما غير بعيد عن الطريق السيار سيدي علال البحراوي إقليم الخميسات،
هل نسيتم ما وقع لهما؟ اذكركم أنه بعد العثور عليهما وجتثيهما تطفوان فوق المياه، ولهول المنظر قام أحد أفراد العائلة بنقلهما إلى أحد الأطباء بنفس الجماعة بعدما تأكد من مفارقتهما الحياة، فاتصل بعناصر الدرك الملكي الذين أشعروا النيابة العامة من أجل معاينة مكان الحادث وفتح تحقيق في النازلة لمعرفة أسباب وملابسات الحادث، ليتم بعدها نقل الجتثين إلى مستشفى القرب بمدينة تيفلت، و بعد المعاينة والتشريح ، تم نقلهما إلى مستودع الأموات بالخميسات دون ان نعرف حتى اليوم نتيجة ذلك التشريح. فهل مازلتم تتذكرون تلك الحوادث ؟
لقد سئمنا من عبارة ” تم فتح تحقيق لمعرفة أسباب وملابسات الحادث” ، دون ان تترتب أي نتيجة أو محاسبة على حادث، والحوادث كثيرة لا تعد ولا تحصى.
أم هل نسيتم الطفلة هاجر التي كانت ذاهبة إلى المدرسة فأصبحت في المقبرة، نتيجة الإهمال وسوء التدبير عندما كانت تتم عملية إعادة تهيئة شارع الطريق السيار الذي بلع أزيد من 14 مليار سنتيم، فذهبت المسكينة ضحية عمود كهربائي سقط عليها وهشم رأسها ولم يتركها تكمل عقدها السادس عشر
اننا نسترجع تلك القصة التي روتها ام الضحية بحسرة عميقة لقد : “تغذت في المنزل(تقول والدتها المكلومة) ، وتوجهت صوب الإعدادية لتدخل في الساعة الثانية”، قبل أن تسترسل مولودة: “ابنتي ذهبت يا ربي، ابنتي ذهبت ضحية هذه الطرقات، أريد ابنتي وأريد حق ابنتي، أنا لا أريد شيئا منهم ، أريد أن أخذ حقي من الذين “رزاوني” في ابنتي”.
وتوالت الكلمات الجريحة على لسان الثكلى: “رجالنا في الصحراء يشربون الرمل، ونحن نساؤهم هنا محرومات من الماء والكهرباء، وأبناؤنا ذاهبون في الظلام، وهم ضحايا هذه الطرقات”.
هل نسيتم عندما توفي في وقت سابق بنفس المدينة (الخميسات) قبل حادث هاجر بثلاثة أشهر شاب بصعق كهربائي من سلك مكشوف قرب العمالة، وذكرت الرواية الرسمية أنه “ظنه أنبوب ماء” وأراد الشرب منه، بينما نددت الساكنة بالتبرير المقدم منبهة إلى أن صلب المشكل هو “سلك الكهرباء المكشوف الذي كان يمكن أن يقتل أي أحد سواه”.
إن هذه فقط عينة من الضحايا الأطفال نتيجة الإهمال وعدم توفر الأجهزة الضرورية بإقليم واحد فقط، أما إذا ذكرنا حوادث جميع الأقاليم فلن ننتهي من سرد الذكريات الحزينة.
أكرر ، نحن شعب ينسى بسرعة، نسي الملايين من الدراهم التي صرفت على كرة القجع، والملايين التي صرفت على المخطط الأخضر ووووووو.
وأتساءل، ما الغاية من الإبقاء على مجلس المستشارين ( الغرفة الثانية ) الذي يعتبر تكرارا مملا للغرفة الأولى؟
فهدا المجلس لا يقدم خدمة تذكر مقابل ملايير الدراهم التي يستنزفها من خزينة الدولة ، أفما أكان الأجدر إلغاء هذه الغرفة لأن نفس الأسئلة الشفوية والكتابية تعاد مرتين وهو لا يضيف ولا ينقص شيئا من بقية مايعرض عليه ، ونحن نعرف جيدا كيف يتم شراء الكرسي بهذا المجلس من الناخبين الكبار وضمانه لمدة تسع سنوات، (ماعاد لي ماعندو زهر كاطيرو قرعة تجديد الثلث)
أم أن الغرفة الأولى غير كافية لجبر الخواطر.؟
أما كان الأجدر أن تذهب أموال الشعب هذه إلى إقتناء معدات لوجيستيكية للوقاية المدنية حتى يتمكنوا من إنقاذ أرواح أبنائنا،  فهم فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض؟؟؟
أما كان الأجدر صرف هذه الأموال وغيرها على الأسر في أعالي جبال الأطلس وغيرها حيث تموت الاسر  بردا وعطشا وجوعا،؟
والله إن بلدي المغرب بلد من أجمل البلدان في العالم ، لكنه بلد التناقضات بامتياز، وبلد ينتعش فيه اللصوص المحترفون بينما تهمل فيه الأساسيات.
ياسادة إرحمونا لا نريد “كورة” ،نحن نريد وقاية مدنية مجهزة أحسن تجهيز وبمعدات حديثة كما هو الحال في الدول الأوروبية،
لا نريد بمخططاتكم الخضراء والزرقاء والسوداء التي داست على الأخضر واليابس، نريد مستشفيات تستوعب جميع المواطنين وفي جميع التخصصات، كما فعلت تركيا على سبيل المثال لا الحصر.
لا نريد أن نتفرج على مباراة كروية للمنتخب وعندما نعود من الملعب او المقهى نصادف إمرأة حاملا تضع مولودها بباب المستشفى او لصرصا يقطعون الطرق أو مشردين على قارعة الطريق. ارحمونا لا نريد هذه المتناقضات ولا نريد ” العكر على الخنونة”،
قولوا لنا بربكم ماذا استفدنا من كرة القدم خلال العقود الأخيرة؟ لا شيء سوى خيبة الأمل في كل البطولات، بطولة كأس العالم وكأس إفريقيا وكأس العرب وبقية المنافسات .
اعفونا لا نريد مهرجان موازين وإيقاعات العالم، بل نريد أن نساير إقاعات الدول المتقدمة في التكنولوجيا الحديثة وفي البحث العلمي وفي بناء المسارح ودور السينما والمسابح، وملاعب القرب للأطفال ، والحدائق ودور الشباب والمناطق الخضراء المجهزة بالألعاب الرياضية المجانية ،…
وبالمناسبة ، هل تعرفون كم من الملايير صرفت على هذا المهرجان منذ إنطلاقته، وكم كان سيتنزف لولا كورونا التي عطلت مسيرته ؟ هذا مع العلم ان ملاييره مافتئت تصب في جيوب الفنانين الاجانب، بينما لم يكن ياخذ منه الفنان المغربي سوى الفتات…
للحديث بقية.

عن majaliss

شاهد أيضاً

حزب الشورى والاستقلال يقدم تصوره أمام الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة 

“مجالس.نت” قدم احمد بلغازي الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال مرفوقا بتمثيليات نسائية، أمس الجمعة مقترحات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *