الرئيسية / أخبار عامة / كلمة السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية 2021-2020‎‎

كلمة السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية 2021-2020‎‎

كلمة السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب
في اختتام الدورة التشريعية الثانية
من السنة التشريعية 2021-2020

الرباط، 15يوليوز 2021
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيدات والسادة الوزراء
الزميلات والزملاء النواب
السيدات والسادة،
نلتئم اليوم في إطار هذه الجلسة الدستورية التي تُتَوِّجُ أشغالَ ولاية تشريعيةٍ كاملة، غنيةٍ بالإنتاج والعمل في مختلف اختصاصات ووظائف مجلس النواب وفي سياقٍ وطني ودولي كان وما يزالُ غنياً بالأحداث حَرِصْنَا في المجلس على التفاعلِ معها على النحو الذي يجعلُ مساهمَتَنا المؤسساتية إيجابيةً ومُيَسِّرةً للنهوضِ المغربي الذي يقوده بحَصَافَةٍ واقتدار، وبالرؤية الاستراتيجية الاستباقية، صاحبُ الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله.
ولتسمحوا لي زميلاتي زملائي، اعتبارْا لأهمية المرحلة، وجَرْياً على التقاليد المؤسساتية، أن نستعرضَ معًا بشكل تركيبي، وعلى نَحْوٍ مُفَكَّرٍ فيه وباختصار، قراءةً سريعة في حصيلةِ ما أنجزنَاهُ معًا كَمُكَوِّناتٍ سياسيةٍ للمجلس خلال الولاية التشريعية العاشرة، وكيف حَقَّقْنا الذي أنجزناه، ولكن بالتركيز خاصةً على الدروس التي أَرَى من موقعي كرئيس للمجلس أنهُ ينبغي استخلاصُها من باب الحرصِ على إعْمَالِ التراكم في حياتِنا السياسية والمؤسساتية، ومن باب التوجه إلى المستقبل في ممارستِنا البرلمانية بمُقَارِبةِ تُجَاوُزِ الثَّغَرات واستدراكِ العجز، وبالطبع تثمينِ المُنْجَزِ الإيجابي والبِنَاءِ عليه، ويظلُ الهدفُ، الذي نجتمع حولَه كشركاء هو بناءُ الوطن وتيْسيرُ تقدُّمِه وتعزيزُ مناعته.
وقد أَطَّرت هذه الشراكةُ في الوطن ومن أجله، وفي الإصلاح من أجل المستقبل، أَعْمَالَنَا، إذ حَرَصْنا على تصريف هذه المنهجية، أو على الأَصَحّ هذه القيمة، في ما أُسَميه ديموقراطية التوافق التي تَتَرَسَّخُ اليومَ في بلادنا كرؤيةٍ ومقاربةٍ في تدبير القضايا والإشكالات والتحديات الكبرى التي نعتز بأننا اليوم مُلْتَفُّونَ خلف جلالةِ الملك وبقيادته لِرَفْعِها.
وأود أن أبدأَ بواحدةٍ من أولوياتنا الوطنية، حيث ينبغي أن نفخرَ ونَعْتَزَّ بما تُحققه بلادُنا في ملفِ تَثْبِيتِ وحدتِنا الترابية، ولنا أن نَعْتَزَّ أيضا بأنه إذا كان من قضيةٍ مقدسةٍ تَجَسَّدَ ويتجسدُ فيها التوافُقُ والإجماعُ هي هذه القضيةُ بالذات. وقد حَرَصْنا على أن نَتَرَافَعَ سَوِيّا ومعًا من أجلها، رئاسةً ومكتباً ورؤساءَ فرقٍ ومجموعة نيابية ورؤساء لجان وفي إطار الشُّعَب البرلمانية ومجموعات الصداقة، معتمدين نَهْجَ الإقناع بِحُجَج التاريخ والقانون الدولي، واليقظة والاستباق.
وقد تَمَثَّلْنَا واسْتَحْضَرْنا والتَزَمْنا في هذا الملف بتوجيهاتِ جلالة الملك إلى البرلمان. وإلينا في رئاسة المجلس من أجل” الدفاع عن القضايا العليا للوطن، لاسيما عبر نهج دبلوماسية نيابية استباقية وفاعلة”.
وإذا كُنَّا في الدفاع عن وحدتنا الترابية مدعُومِينَ بعدة شَرْعِياتٍ منها التاريخيةُ والديموقراطيةُ والقانونيةُ والجغرافيةُ، فإن ما يتحققُ على الأرض في الأقاليم الجنوبية منذ اليوم الأول من استرجاعها يُعَزِّزُ صدقَ ومصداقيةَ ونجاعةَ مَوْقِفِنا الوطني.
فالمشاريعُ الإنمائيةُ المهيكلةُ في مجال البنيات والتجهيزات الأساسية والخدمات الاجتماعية والقطاعات الإنتاجية المنجزة بهذه الأقاليم هي اليوم عنوانٌ لواقع اندماج الأقاليم الجنوبية مع باقي أجزاء الوطن، وشهادةٌ حيةٌ، ملموسةٌ، على التلاحم الوطني والتماسك المجالي بين مجالات المغرب، وعنوان لاستدراك ما أضاعَها عليها المستعمر، حيث حققت هذه الاقاليم قفزاتٍ نوعية في مجال التنمية والاستثمارات العمومية والخصوصية وتوفير الخدمات الاجتماعية والأمن المادي والروحي.
إن نموذجًا نَهْضَوِياً حقيقياً يتجسدُ في الأقاليم الجنوبية. وبالتأكيد، فإن الذي تحقق ما كان لِيَكُون لولاَ حكمةُ وتوجيهاتُ وحِرْصُ وتَتَبُّعُ جلالة الملك لهذا النموذج التنموي الذي حَرَصَ على إطلاقه وتمكينه من الاعتمادات المالية ومن الآليات المؤسساتية، ومن مهارات الإنجاز.
وفي الجبهة الدبلوماسية، كرَّسَ وتَوَّجَ إقرارُ الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً بأن الأقاليم الجنوبية المغربية المسترجعة هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي، مسارَ المكاسِبِ التي حققتها بلادِنا، مسارٌ تميز بفتح مزيد من البلدان قنصليات لها في حَاضِرَتَي أقاليم الجنوب المغربي : العيون والداخلة، وبالتأييد الدولي الحاسم والواضح للتدخل السلمي والمهني الذي أنجزته القوات المسلحة الملكية يوم 13 نونبر 2020 من أجل ضمان سلامة وأمن حركة التنقل وتأمين المرور في نقطة الكركرات. فإلى هذه القوات وقائدها الأعلى ورئيس أركان حربها العامة جلالة الملك محمد السادس كل الامتنان والتقدير والاحترام.
وقد عززت هذه المكاسب (وتعززت بـ) أخرى أنجزتها بلادنا خلال السنوات القليلة الأخيرة ومنها، كما أسلفنا، عودةُ المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، وما شَكَّلَه ذلك من إضافةٍ نوعية إلى عمل الاتحاد وهياكله، والإنجازات المحققة في العلاقات الثنائية للمغرب مع باقي البلدان الإفريقية بفضل دبلوماسية القرب التي يقودها في الميدان جلالة الملك محمد السادس، والمبنية على الشراكة والتعاون والسعي إلى الربح المشترك.
إن الأمر يتعلق بحلقةٍ جديدة في سلسة تَمَوْقُعِ بلادنا دوليا وجيو-سياسيا في سياق إقليمي غير مستقر، ودولي مُتَمَوِّج تُواجه فيه المجموعة الدولية تحديات نوعية جديدة.
وبالتأكيد، فإن المكاسب المحققة خلال العقدين الأخيرين في ما يرجع إلى تثبيت وترسيخ الوحدة الترابية، والنجاحات المحققة في هذا الملف على الصعيد الدولي، تُطَوِّقُ مجلسَ النواب، بجميع مكوناته وأجهزته، بمسؤوليةٍ وطنيةٍ كبرى وهي حافزٌ على مواصلةِ العمل في واجهة الدبلوماسية البرلمانية، في الإطارات الثنائية ومتعددة الأطراف، من أجل ترصيدِ المكاسب والتعريف بمشروعية قضيتنا، في إطار النهجِ الملكي وفي إطار التعاونِ والتكاملِ مع الدبلوماسية الحكومية.
وبالتأكيد، فإن تَوَاتُر تَحَقُّقِ هذه المكاسب ما كان ليَتَيَسَّرَ لولا المُنجزُ الداخلي المتمثلُ في تعزيزِ الديموقراطية وترسيخِ دولة المؤسسات والحرصِ على صيانة حقوق الإنسان، وعلى إعطائها مدلولا اقتصاديا واجتماعيا، والبناء على التراكم في الإصلاح.
ومهما تكن انتماءاتنا السياسية وتوجهاتنا الفكرية، وموقعنا المؤسساتي والسياسي (في الأغلبية أو المعارضة)، فإن واحدة من القضايا الأساسية التي ينبغي أن تظلَّ العاملَ الحاسمَ من تعاطينا مع الآخرين في علاقاتنا الدولية هي قضيتُنا الوطنية. وينبغي الاستمرارُ في التحلي باليقظة وبالمواقف الحازمة في مختلف المنظمات البرلمانية والتسلح بحقيقةِ وخطابِ المشروعية وبالمعطيات التفصيلية للملف، ومحاصرةُ ادعاءاتِ خصومِ وحدتِنا الترابية وزيفِ أطروحتِهم. وبالتأكيد سيتواصلُ هذا العمل بروحٍ وطنية وبعقليةِ الإجماع الوطني، وسيظل ممثلو الأقاليم الجنوبية الأعضاء في المجلس في طليعة الوفود ومن بين أعضاء الشُّعَبِ البرلمانية لدرايتهم وإحاطتهم الواسعة والعميقة بالملف، ولأنهم ممثلون شرعيون لسكان الأقاليم الجنوبية، في الدفاع عن الوحدة الترابية. فإلى أهالينا في الأقاليم الجنوبية ونخبِها التحية وكل التقدير والاحترام.
لقد أثارت النجاحاتُ التي تُحققها بلادُنا واقتدارُها الإقليمي والقاري والدولي حُنْقَ البعض فَرَاحَ يختلقُ الأزمات ويلتفُّ على قواعدِ القانون الدولي وما ينبغي أن يحكم العلاقات بين الدول ويعرقل عمل المؤسسات القارية كما حدث مؤخرا في برلمان عموم افريقيا الذي شهد في دورته الأخيرة تصرفاتٍ متخلفةٍ لا تُشَرِّفُ إفريقيا. وإذا كان خصوم وحدتنا الترابية الذين غَدَوْا معزولين افريقياً ودوليا، يحاولون أن يُمْلُوا على الدولِ مواقفَها ومبادِءَها، وحتى عواطِفَها، فإنه لا المُنَاوَرَةُ، ولا افتعالُ المشاكلِ، ولا الالتفافُ على القانونِ، ولا إخراجُ القضايا الأُمِّ عن سياقِها يجعلُ بلادَنا تتراجعُ عن أَيٍّ من حقوقها المشروعة في السيادة، وعن القرار المستقل ومواصلة التَّمَوْقُعِ كقوةٍ إقليمية وقارية تلعبُ أدواراً حاسمةً في المعادلات الإقليمية وفقَ عقيدة الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير والدفاع عن العدل والسلم.
الزميلات والزملاء
كانت الولاية العاشرة غنيَّةً من حيث الإنتاج التشريعي، من حيث العددُ ومن حيث نوعيةُ النصوصِ المصادقِ عليها ومقاصدِها وجَدْوَاهَا ومفعولِها على المجتمع. ويمكنُ القول، إن إنتاجَنا التشريعي يُؤَطِّر، في جزء كبير، منه الجيل الجديد من الإصلاحات الكبرى التي تُطلقها بلادُنا بتوجيهات وتعليمات، وعلى أساس، رؤية جلالة الملك، والانتقالات التي تتوخى إنجازَها لترسيخِ الانبثاقِ المغربي، والتماسك الاجتماعي.
وخلافاً للاستنتاجات التبسيطية، فإن الأعمال التشريعية لا يمكن اختزالُها في مجرد مساطرَ وتصويتٍ. إنها تَوَافُقٌ وثقافةٌ وحوارٌ وإقناعٌ وتنازلاتٌ متبادلةٌ واستحضارٌ لمصالح الوطن والمجتمع، إِذْ يتعلقُ الأمرُ بتشريعات تَرْهَنُ المجتمعات وتنظم العلاقات وتؤطر علاقة الدولة بالمجتمع، وتَكْفُل الحقوق وتفرضُ الواجبات. وإذا كان من حق الرأي العام والملاحظين المتتبعين للشأن البرلماني أن يلاحظوا، أو يسجلوا البطءَ أحياناً في اعتمادِ تشريعاتٍ تكتسي راهنيةً كبرى، فإنه ينبغي أن نُدركَ في المقابلِ أن هذه الراهنيةَ، وهذه الأهميةَ، هي ما يستدعي نقاشًا أعمقَ، وتدقيقًا وتوافقًا أوسعَ، وإنضاجًا أكبرَ لظروف المصادقة على النصوص التشريعية.
لقد تمكنَّا من المصادقة على قوانين تنظيمية وأخرى عادية كانت موضوع تجاذبات سياسية ومجتمعية بل وتحولت إلى إشكالات مزمنة. وجميعُنا يتذكرُ منسوبَ ونوعيةَ النقاش الذي أثارته هذه النصوص داخل مجلس النواب وفي الفضاء العام، وهو ما رأينا فيه أمرًا طبيعيًا بالنظر إلى نُبْل هذا الإصلاح وعُمْقِه ودلالتِه وقيمَتِه المجتمعية والتاريخية والحقوقية.
كانت الحصيلةُ التشريعية نوعيةً أيضاً باعتبار طبيعة النصوص المصادق عليها، وبالقياس إلى السياق الذي اشتغلنا فيه والذي تميز خلال 2020-2021 بانعكاسات جائحة “كوفيد 19” على مختلف مَنَاحِي الحياة. وفي المجموع تجاوزَ عدد النصوص التأسيسية التي صادقنا عليها 80 نصًا ذا أهمية قصوى في حياتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وفي المقابل، فإنه إذا كان من عجز في مجال التشريع، يمكن أن نُقِرَّ به خلال الولاية التشريعية العاشرة – كما في باقي الولايات كما ثبت ذلك من الإحصائيات- فإنه يتعلق بالاستثمار الأمثل للمبادرات التشريعية لأعضاء المجلس، إذ لم تتجاوز نسبة مقترحات القوانين المصادق عليها خلال الولاية العاشرة نسبة 7 في المائة، أي 23 مقترحًا من مجموع النصوص المصادق عليها والبالغ عددها 330 نصّا، و8% من مجموع مقترحات القوانين التي أحالها أعضاء المجلس والبالغ عددها 257.
وإننا إذ نسجلُ هذا العجزَ في التجاوبِ مع المبادراتِ التشريعية لأعضاء المجلس، وإذ نُسجِّل بأن المبادرة التشريعية للبرلمان في بعض الحالات في حاجة إلى تطوير كمي ونوعي، والى التحسين والتجويد، فإننا نعيدُ التأكيدَ على أهمية مقترحات القوانين ومزاياها، لعل أهمَّها أن البرلمانَ، على هذا النحوِ، يمارسُ بالملموس صلاحياتِه في التشريع، ومنها أيضا مساهمةُ المبادرة التشريعية في ملء الفراغ التشريعي في عدد من الأنشطة والقطاعات والقضايا المجتمعية.
إن لهذا الوضع عدةَ أسباب تتمثلُ في عدمِ التوازن في الإمكانيات والخِبْرات والمعلومات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي تكريس نوع من الثقافة التي ينبغي تصحيحها، والتي تتعاطى مع المبادرات التشريعية للنواب بنوع من الحذر، وضعف التواصل بين المؤسسات : بين الحكومة والبرلمان، بين الأحزاب وامتداداتها المؤسساتية، وبين الأغلبية والأحزاب المُشَكِّلة لها.
ويرتبط تهميش المبادرة التشريعية لأعضاء البرلمان كذلك بعدة معيقات موضوعية وذاتية، هي بالتأكيد قابلة للتجاوز، ولا ينبغي أن تَحُدَّ من طموحِنَا المشترك في تطويرِ وتجويدِ هذا الاختصاص الموكول إلى البرلمانيين بموجب الدستور. ولتحقيق هذا الهدف، أَوَدُّ أن أُذَكِّرَ باقتراحات سبقَ أن عرضناها في عدة مناسبات وفي مقدمتها : 1- ضرورة إرفاق كل مقترح قانون بدراسة تتناول سياق طرحه وآثاره المحتملة، وتعليلا لأسباب نزوله، وأهدافه، و 2- وتحسين صياغة المقترحات وهو ما سيكون ممكنا بإجراءين هامين اتخذناهما خلال هذه الولاية ؛ يتمثل الأول في إحداث وحدة إدارية مكلفة بصياغة القوانين لدعم أعضاء المجلس في مهامهم التشريعية، ويتمثل الثاني في إحداث المركز البرلماني للدراسات والأبحاث.
وآمل أن يشكل ذلك دعامة لتجويد المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس.
وينبغي، (وهذا اقتراح ثالث) جعل المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس في صلبِ النقاش والتداول بين مجلس النواب والحكومة والمجتمع ممثلا في الهيآت المهنية والمدنية وصناعِ الرأي، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن مصيرِ مقترحات القوانين وإعمال مقتضيات الدستور والنظام الداخلي بشأنها.
الزميلات والزملاء،
إن التشريع لا يكتملُ بالمصادقة على النصوص ولا حتى بصدورها في الجريدة الرسمية، ذلك أنه من المعضلات التي قد تَحُدُّ من وَقْعِ التشريع على المجتمع في المغرب، عَدَمُ نفاذِ القوانين، ما لم تصدرْ المراسيمُ التطبيقية المرتبطةُ بها والتي قد يكونُ منصوصاً عليها في النصوص المصادق عليها.
واستدراكا لهذه الأوضاع، شَرَعْنَا في اتخاذ مجموعةٍ من الإجراءات التي تدخل في صلب السلطات الرقابية للمجلس، وبالتحديد سلطته في الرقابة على تطبيق القوانين التي يصادق عليها. وتعزيزًا لذلك، نرى أنه ينبغي أن يُصَارَ إلى اعتماد تدابير لتتبع تطبيق التشريعات خصوصا من خلال إصدار المراسيم التطبيقية :
• أول هذه التدابير يتمثلُ في أن يَطْلُبَ البرلمان من السلطة التنفيذية العملَ على إرفاقِ كل مشروع قانون تُحِيلُه على البرلمان، بالمرسوم أو المراسيم التطبيقية الضرورية لنفاذه.
• ثاني التدابير، وفي حالة عدم الاستجابة للأول، ينبغي على الأقل أن يطلب البرلمانُ، خلال مناقشة النص التشريعي على مستوى اللجنة، وتكرار ذلك على مستوى الجلسة العامة، من الحكومة أن تلتزم أمام البرلمان بوضوح بجدولةٍ زمنية لإعداد ونشر المراسيم التطبيقية الضرورية لكل نص.
• ثالثُ التدابير يتمثل في أن يتضمنَ المحضر والتقرير المتعلقان بأي نص تشريعي، تتم المصادقة عليه من طرف مجلس النواب، جردًا بالمراسيم التطبيقية التي يتطلبُها سَرَيَانُه. ومن شأن ذلك أن يكونَ بمثابة مُفَكِّرَةٍ يمكنُ لأعضاءِ المجلس العودة إليها في ممارستهم لسلطتهم الرقابية.
• رابع التدابير يتمثلُ في إِلْزَامِ إدارة كل لجنة نيابية دائمة أن تُعِدَّ تقريرا خاصا وتضعَ جرداً بالقوانين التي يقتضي نفاذُها مراسيم تطبيقية، وعليها رَصْدُ نشرِ هذه المراسيم من عدَمِه، حتى يَتَيَسَّرَ لأعضاءِ اللجنة تتبعُ وضعيةِ نشرِ هذه المراسيم ومناقشة الحصيلة واتخاذُ الإجراءات الرقابية الضرورية.
• خامسُ التدابير تتمثل في الحرص على مساءلة الحكومة من خلال الآليات الرقابية الدستورية، بشأن عدم صدور هذه المراسيم، ومدى نفاذ القوانين.
• ويتمثل سادس التدابير في التفكير في إحداث مجموعة عمل نيابية موضوعاتية، بعدد محدود من الأعضاء، معنيةٍ بتتبع التشريع ونشر القوانين وإصدار المراسيم التطبيقية، تُسَمَّى المجموعة الموضوعاتية لمراقبةِ نفاذِ أو تطبيق القوانين.
الزميلات والزملاء،
إذا كانت مراقبة العمل الحكومي من الاختصاصات والمهام التقليدية للبرلمانات، فإنها في الظروف التي تجتازُها الديموقراطياتُ التمثيلية، وأمام النَّزعاتِ المناهضةِ للبرلماناتِ عبر العالم، وفي سياق العوالم المفتوحة والمتواصلة، تتطلب الإبداع المستمر في صيغِ التنفيذ، وذلك من أجل جعل عمل المؤسسات التشريعية في هذا الجانب، أكثر جاذبيةً، وأكثر قرباً من المواطناتِ والمواطنين تعزيزًا لثقةِ المجتمع في المؤسسات ولمصداقية هذه المؤسسات.
وقد كان حِرْصُنا خلال الولاية العاشرة، مع أجهزة المجلس ومكوناته السياسية، على أن يكونَ لكل قضيةٍ مجتمعيةٍ، ولكل حدثٍ وطني، صَدَاهُ في مجلس النواب إعمالا لمبدأ التفاعل مع انشغالات المجتمع، وتكريسًا للمبدإ المتمثل في أن القضايا الكبرى في المجتمع ينبغي أن تَتِمَّ مناقشتُها والتداولُ بشأنها وحلُّها في إطار المؤسسات والفاعلين فيها إما كممثلين منتخبين أو أًصحاب قرارٍ ومنفذين.
لقد تَوَخَّيْنَا في إطار أجهزة المجلس ومكوناته السياسية تطويرَ الوظيفةِ الرقابية للمجلس وجعلِها تُجَسِّدُ المبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة والعملَ في إطار التعاون والتكامل بين السلط على النحو الذي يجعلُ السياساتِ والبرامج والتدخلات العمومية منتجةً للأثرِ على حياةِ المواطنين.
وقد سلكنا في اختيار محاور الجلسات الرقابية ما كان يفرضُهُ السياقُ الوطني منهجية التشاور وإنْضَاجِ التوافق والانصاتِ المتبادل على مستوى أجهزةِ ومكونات المجلس، وما بين أجهزةِ المجلس والسلطة التنفيذية.
وقد كانت مراجعة النظام الداخلي للمجلس وإغناؤه في ضوء مقتضيات دستور 2011 بالتلاؤم مع عدد من القوانين التنظيمية، مدخلاً أساسيًا لزيادة جاذبيةِ الجلسات العمومية الرقابية ومردوديتها، والعمل بمقاربة أقطاب قطاعية واعتماد تدبير ذكي للزمن المخصص للتعقيبات الإضافية توخياً لمشاركة أكبرِ عددٍ من أعضاء المجلس ولمختلف الحساسيات السياسيات في كل جلسة وفي مناقشة كل قطاع.
ومن جهة أخرى كَثَّفَ المجلسُ آلياتِ الرقابة من خلال اللجان النيابية الدائمة من خلال الاستماع ومساءلة أعضاء الحكومة ومسؤولي المؤسسات والمقاولات العمومية، ومن خلال المهام الاستطلاعية، ومن خلال مناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
وشكلت مناقشة هذه التقارير وتقاريرُ المهام الاستطلاعية مُنْجَزًا هَامّاً للمجلس ساهمَ في إثارةِ نقاشٍ عموميٍّ غنيٍّ حول قضايا استأثرتْ باهتمامِ الرأي العام، وسيكونُ دون شكٍّ رافدًا لإعْمَالِ مَبْدإِ ربطِ المسؤولية بالمحاسبة وترسيخِ حكامة المرفق العمومي.
وقد سجلنا خلال الولاية العاشرة، وحَرَصْنا على نحوٍ جماعي في إطار مكتب المجلس ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية، على أنه لا خطوطَ حمراء في الرقابة على تدبير المؤسسات العمومية من خلال مساءلةِ رؤسائِها أو مدرائِها بحضور الوزراء المعنيين. وكان للتوصيات التي تَوَّجَتْ تقارير ومداولات اللجن، أَثَرٌ كبير في إثارة الاهتمام السياسي والمؤسساتي والإعلامي بأوضاع المؤسسات العمومية ومكانتها في الاقتصاد الوطني ودورِها في التنمية.
وإذا كان من استنتاجاتٍ مركزية يمكن تسجيلُها خلال الولاية التشريعية العاشرة في ما يرجع إلى ممارسة المجلس لاختصاصاته، فإن واحدًا منها يتمثل في المَيْلِ العام إلى ما هو رقابي وتقييمي يتجاوزُ أحيانا أعمالَ التشريع، وهو أَمْرٌ مفهوم ومشروعٌ في السياق العام العالمي المطبوع بالانفتاح، وبارتفاع سَقْفِ مطالِب المجتمعات في ما يرجع إلى ضرورة الحكامة والشفافية، وفي السياق الدستوري والمؤسساتي الوطني الذي يرفعُ من سقف الرهان على المحاسبة من أجل الشفافية.
ويطرحُ هذا الاستنتاج أو التحول (إذا صح التعبير) عدة تحديات بالنسبة للنخب البرلمانية وَيَنْطَوي على عدةِ رهاناتٍ ينبغي الحرصُ على تحقيقِها ومِنْهَا رهانُ تجويدِ الإنتاج والحضورُ المنتج وعدمُ هَدْرِ الزمنِ البرلماني والسياسي، وأساساً تتبع ما يُتَّفَقُ عليهِ من توصياتٍ واقتراحاتٍ لتجويدِ السياسات العمومية ومردوديتها وتَبَيُّنُ وَقْعِهَا على المجتمع، والتواصل بين مكونات المجلس ومع الحكومة والرأي العام، وإعطاء مضمون حقيقي للمقتضى الدستوري المتمثل في التعاون والتكامل والتوازن بين السلط. ويظل هدفُنا الجماعي، بالطبع، هو تعزيزُ الثقة في المؤسسات وزيادةُ مصداقيتها، وجعل ممارسة اختصاصاتها ووظائفها ومهامها منتجةً للقيم في السياسات.
ويفرضُ تَرَاكُمُ الطلبات بشأن القيام بمهام استطلاعية من جانب اللجن النيابية إعادة النظر في تعاطي مكتب المجلس مع الترخيص بهذه المهام على النحو الذي يجنبنا حالات تنازع المصالح، وعدم إتمام إنجاز هذه المهام (علما بأنه من أصل 27 مَهَمَّة رَخَّصَ لها المكتب ثَمَّ تقديم تقارير أربعة مهام أمام الجلسة العامة)، وعدم تكرار المهام حول نفس الموضوع او موضوع قريب والترخيص لعدة مهام تُنجَزُ من جانب لجنة واحدة. إننا أَمام ضرورةِ إقرارِ حكامةٍ حقيقيةٍ لهذه المهام حتى تظل مُتَمَتِّعَةً بالمصداقية المفروضة في عمل رقابي من هذا القبيل.
وبدوره ينطوي السعي إلى جعل اختصاص تقييم السياسات والبرامج العمومية على عدة رهانات. فلئن كان مجلس النواب قد راكم في هذا الاختصاص خبراتٍ لا تقلُّ أهميةً وقيمةً وجودةً عما هو متعارف عليه في الديموقراطيات العريقة بعد عشر سنوات فقط من دَسْتَرَتِهِ، فإن هذه المدة كافيةٌ لاستخلاصِ بعض الدروس، خاصة وأن مفهومَ التقييمِ وَرَدَ أطروحةً مركزيةً في التقرير المتعلق بتصور النموذج التنموي الجديد الذي ستشرع بلادُنا في إعماله. وتتمثل هذه الدروس، أولا في ضرورة الاستعداد القبلي للشروع في عملية التقييم بالتوافق على الموضوع السنوي محور التقييم في ختام كل سنة تشريعية مما سَيُسْعِف في إنجاز عملية تقييم واحدة على الأقل خلال كل سنة تشريعية.
وينبغي ثانيا مضاعفةُ عدد مُمَثِّلي كل فريق ومجموعةٍ نيابيةٍ في المجموعة الموضوعاتية حتى يتيسر توزيع المهام بين أعضائها، ليُصَارِ إلى تجميعها لاحقا.
وينبغي أيضا وضع جدول زمني لعملية التقييم واحترامِه على أن يتضمنَ مراحلَ الانجازِ وتاريخِ الانتهاء من كل عمليةٍ فرعيةٍ وتواريخَ إنجازِ الأعمال الميدانية وصياغةِ التقرير ووصولاً إلى تقديمه.
وحتى تكونَ ممارسةُ هذا الاختصاص الدستوري الجديد ناجعةً، ومن أجل جعل التقييم مُنْتِجاً للأثر وذي مردودية في تجويد السياسات العمومية، ينبغي الحرص على تتبع مآلات التوصيات والخلاصات التي تتوصل إليها كل عملية تقييم. وإذا كان هذا التتبع يعود إلى مجلس النواب من خلال الرقابة على العمل الحكومي والتشريع، فإن السلطَةَ التنفيذية معنيةٌ بتنفيذِ التوصيات، خصوصًا منها ما يتم التوافق بشأنه خلال الجلسة العامة لمناقشة تقرير المجموعة الموضوعاتية، وإلاَّ فإن سؤالَ جَدْوَى هذا العمل ومقاصدِه، سيظلُّ مطروحًا.
الزميلات والزملاء،
نجتازُ في المغرب كما باقي بلدان العالم فترة عصيبة من التاريخ جراء جائحة “كوفيد”19. وقد نجحت بلادنا بقيادة جلالة الملك في تدبير الجائحة وتداعياتِها على نحوٍ ناجعٍ. ويمكنُ أن نَضَعَ هذا التدبير تحت ثلاثة عناوين، أو على الأصح، نجاحات كبرى :
• يتمثل الأول في التصدي للوباء والحد من انتشاره وتدبيرِ انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية وكذا تدبير فترة الحجر الصحي وفق مقاربات وإجراءات تضامنية وحضور ناجع لمؤسسات الدولة، مما حَدَّ من آثارِ الجائحة، صحيا واجتماعيا واقتصاديا.
• ثانيا ربح رهان التلقيح في سياقٍ دولي مُتَّسِمٍ بالتنافس الحاد على اللقاحات، إذ إن بلادَنا تُرَتَّبُ من البلدان الرائدةِ عالميا في مجال التلقيح، وذلك بفضل الحرص الملكي على تمكين بلادنا من اللقاحات وبفضلِ الثقةِ والتقدير الكبير والاحترام الذي يحظى به جلالته على الصعيد الدولي، وقد أبدعت السلطات العمومية ممثلة خاصة في وزارتي الداخلية والصحة، في تدبير الحملة على نحو فعال ، ناجع ومحكم .
• وأخيرًا رِبْحُ رِهَانِ إنتاجِ اللقاحات وتعبئتِها والتصميمُ على تقاسم الإنتاج مع أشقائنا في البلدان الافريقية.

وفي كل هذه النجاحاتِ تتجسدُ قيمةُ القيادة، وقُوَّةُ القيادة، وصدقُ القيادةَ وتصميم القيادة، قيادة جلالة الملك للبلاد في هذا الظرف الاستثنائي الدولي العصيب.
وتشير المؤشرات إلى أن بلادنا هي بصدد تحويل الأزمةِ الناجمة عن الوباء إلى فرصِ نهضةٍ وصعودٍ، ورِبحِ رهانِ إعادةِ إطلاقِ ديناميةٍ اقتصادية مَتِينَةٍ لمرحلةِ ما بعد كوفيد، بالموازاة مع ربح رهان مواصلة الدمقرطة والاستقرار .
وبالتأكيد فإن الفضل الحاسم في كل هذا كان ولا يزال وسيظل، يعود إلى المؤسسة الملكية التي شكلت لُحْمَةَ التماسك الاجتماعي وضَامِنَ استمرار الدولة والساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وصيانة الاختيار الديموقراطي كما هو منصوص على ذلك في هذا الدستور، ومحور التوافق وعِمَادُه.
وقد يَسَّرَ ذلكَ تَمَوْقُعَ بلادِنا ضمن الديموقراطيات الصاعدة المستندة على تَنَوُّعٍ ثقافي غني وتعدديةٍ سياسيةٍ راسخةٍ ودستورٍ ديموقراطي تحرري حداثي، كان بدوره ثمرة تعديلات عديدة وتوافقات وحوار وطني بين مختلف مكونات الأمة.
وتحتاج هذه المكاسب دوما إلى الترصيد والتثمين والتجويد على النحو الذي يكفل استدامَتَها وتَمَلُّكَها من طرف مكونات المجتمع الذي يُوَفِّرُ لذاته، بذلك، الحمايةَ من مخاطر النكوص والتوتر والتَّطرف والقطائع والتيئيس.
وفي سياق عالمي تُواجِه فيه الديموقراطيات عدة تحديات وتبحث عن تجديد ذاتها، ينبغي لنا، في المغرب، أن نعتز بتقاليدنا الديموقراطية وبالعمل على ترسيخ ثقافتنا السياسية والديموقراطية، وأن نسعى إلى التوافق حول الإصلاحات الكبرى التي تعززُ وتُرَسِّخُ نموذجَنَا الديموقراطي التحديثي.
إن الاعتماد على التوافق ليس إلغاءً، ولا ينبغي أن يلغي، الاختلاف الذي نحسبه من مرتكزات الديموقراطية، كما أن اعتمادَه لا ينبغي أن يكونَ تاكتيكياً، أو ظرفيا، أو مناسباتيا، وإنما ينبغي التعاطي معه كجزء من الثقافة السياسية والديموقراطية.
وأعتقد أَن التوافق هو ما يمكنُ أن يُسعفَ في تجنبِ القطائع في التاريخ وفي العلاقات بين الشركاء/الفرقاء، لذلك فإن ترسيخه كفكرٍ وثقافةٍ وفَلْسَفَةِ تدبيرٍ لن يكونَ إلا مفيدًا للاستقرار وتوسيعِ قاعدةِ المشاركة.
وعلاقةً بِسِماتِ المرحلة وبالسياق الراهن في بلادنا المُتَّسِم باستمرار الإصلاحات وبحرص جلالة الملك على إعطاء نَفَسٍ جديد لمختلف مناحي الحياة، ينبغي التأكيدُ على أن المغربَ مع نهاية الولاية التشريعية العاشرة يُدَشِّن مرحلةً جديدةً من الإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية والاجتماعية. وقد شرعَ بالفعل في تحقيقِ تحولاتٍ وانتقالاتٍ فاصِلَةً في مختلف المجالات، مع كل التحديات التي تطرحُها، – بطبيعة الحال – والتي تحتاج إلى ذكائنا الجماعي وتعبئتِنا الجماعية خلف جلالة الملك.
إن الأمر يتعلق بثلاثة انتقالات كبرى :
-أولها أن بلادَنا ستكونُ على موعدٍ مع اعتماد وإعمالِ النموذج التنموي الجديد، الذي سيكون لتنفيذه مستلزماتٌ في مجال التشريع والتأطير القانوني والمؤسساتي وفي مجال المراقبة والتقييم.
-ثاني الانتقالات، في سياق هذا النموذج الجديد وتجسيدًا لأبعاده الاجتماعية، يتمثل في أن بلادنا بصددِ تدشينِ انتقالٍ حاسمٍ في مجال الحماية الاجتماع. إن الأمرَ لا يتعلق فحسب بإعطاء التضامنِ والتكافلِ مفهومًا مُواطِناً عصريا، قانونيا ومؤسساتيا بمساهمة مختلف الأطراف، ولكن بالأساس باستثمار استراتيجي في الإنسان وكَفَالةِ حقوقِه في الخدمات الصحيةِ الجيدةِ، وفي تعليمٍ جيدٍ منتجٍ، يُيَسِّرُ تكافؤَ الفرصِ ويكونُ مفتاح الرُّقِي الاجتماعي، ومدخلاً للتصدي للهشاشة والفوارق، وفي التقاعد المريح الضامن للكرامة.
-وفي ارتباط بهذه الانتقالات الاقتصادية والاجتماعية الطَّمُوحَة المأمولِ تحقيقُها، وتوفيرًا لمُستلزمَاتِها المالية كان جلالة الملك محمد السادس قد أمر بإحداث “صندوق محمد السادس للاستثمار”، باعتباره صندوق استثمار استراتيجي للتمويل وهو ما يتكاملُ مع الإصلاح الجبائي، ومع إعادة هيكلة المؤسسات والمنشآت العمومية وتدخلاتها واختصاصاتها.
وإنه لمن باب الموضوعية، ومن باب الامتنان والاعتراف والاحترام الواجب، إعادةُ التأكيدِ، على أن جلالة الملك محمد السادس بهذه الأوراش المجددة الضخمة والطموحة، يقود المغرب، في هذه الظروف الوطنية والعالمية الصعبة، بحكمة وتبصر ورؤية استباقية تَوَقُّعِيَّةٍ، إلى نموذج دولة الرعاية الاجتماعية التي تأكدت الحاجةُ المَاسَّةُ إليها في سياق وباء كوفيد 19، والى نموذجه التنموي الذي يتلاءم مع سياقه وتاريخه وخصوصياته دولة أصيلة عريقة تتوفر بالفعل على تقاليد الدولة بما هي دولةٌ راسخةٌ في التاريخ فعلا.
وتَضَعُ هذه الأوراش الكبرى والنوعية والاصلاحات الهيكلية، المؤسسة التشريعية، المكونات السياسية، والنخب أمام مسؤوليات تاريخية. وتحتاج إلى تعبئةٍ استثنائيةٍ، وإلى الترصيدِ الذي يحققُ التراكمَ. ويظلُّ الهدفُ هو تحقيق تقدم المغرب، ومناعةُ المغرب، وترسيخ الديموقراطية وتجويد مردودية المؤسسات في إطار نموذجنا الديموقراطي الحداثي التضامني حيث يلتف الشعب المغربي وقِوَاهُ الحية خَلْفَ صاحبِ الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله الذي يقودُ المغرب في صعوده وانبثاقه قوةً ديموقراطيةً واقتصاديةً ذات مكانة مقدرة قاريّاً ودوليا.

الزميلات والزملاء
السيدات والسادة

إن ما أنجزناه هو حصيلة عمل جماعي لمختلف مكونات وأجهزة المجلس، أغلبيةً ومعارضةً، وما كان ليتحقق لولا انخراط الجميع وتعبئة الجميع، ولولا التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فشكرا لكل من ساهم في بلوغ ما حققناه، شكرا لكم أنتم زملائي وزميلاتي، اللائي والذين، وجدتُ فيهم خيرَ داعمٍ ومُعين لأداء المَهَمَّةِ التي تشرفتُ بتحملها باعتزاز على رأس مجلس النواب. وشكرا لمسؤولي وأطر وموظفاتِ وموظفي المجلس على استعدادهم الدائم لإسناد المكونات السياسية للمجلس في أداء مهامه.
وشكرا للهيئات التي تقف داعمةً وَمُسْنِدَةً وساهرةً ليل نهار على أرض للمؤسسة وهي تؤدي مهامها وأقصدُ نساءَ ورجال الامن الوطني وأفراد القوات المسلحة الملكية ورجال الوقاية المدنية. وبالطبع الشكر والتقدير موصول لأعوان النظافة والاشغال الخاصة نساء ورجالا الذين يوفرون لنا كل الظروف للعمل مرتاحين مطمئنين. وكل الشكر لنساء ورجال الإعلام الذين واكبوا أشغال المجلس تحليلاً وتعليقاً ونقداً.

شكرا على كريم الإصغاء.

عن majaliss

شاهد أيضاً

مؤاخذات نقابية على الحكومة واتهامها بتدمير القدرة الشرائية للمواطنين

مجالس.نت في إطار ردود الفعل على الزيادات المفاجئة  في أسعار المحروقات في شهر غشت الجاري …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *