مجالس جريدة الكترونية تصدر عن مجالس ميديا
- بقلم: أحمد بلغازي
كما جرت العادة وكما تعودنا على ذلك في مملكتنا السعيدة التي حباها الله بملكية متحضرة وأصيلة، واجهت الدبلوماسية المغربية التي تشتغل بتوجيهات من عاهلنا المفدى، الاستفزاز الإجرامي للبحرية العسكرية الجزائرية، والتي أقدمت على ارتكاب عمليات اعتداء بالرصاص الحي على مواطنين مغاربة عزل، يحملون أيضا الجنسية الفرنسية، فقتلت من قتلت واعتقلت من نجا من رصاصها الآثم أقول، واجهت الدبلوماسية المغربية هذا الحادث الإجرامي بالهدوء وضبط النفس، رغم ضغط الشارع المغربي الذي تعالت فيه أصوات تطالب بالانتقام.
ولم تمض سوى بضعة أيام، حتى بدأ حبل هذه الجريمة يلتف على عنق من ارتكبها، وتحول هدوء المغرب بحكمة جلالة الملك إلى انفجارات وفضائح داخل القيادة العسكرية الجزائرية، خاصة بعدما تدخلت فرنسا على الخط، بحكم أن الضحايا يحملون جنسيتها ومقيمين على أرضها. وفي سياق الضغط الفرنسي على القيادة العسكرية الجزائرية، شاهدنا كيف تضاربت البيانات الصادرة عن تلك القيادة.
وبموازاة كل تلك الورطة التي وقعت فيها قيادة العسكر الجزائري، والتي يتوقع أن تؤدي خلال وقت وجيز قادم إلى التضحية ببعض الرؤوس العسكرية، في محاولة للالتفاف على الجريمة، كما ينتظر أن تسفر التحقيقات القضائية في باريس على إصدار عقوبات في حق منفذي الجريمة والآمرين بها.
ولم يبق الأمر محصورا عند هذا الحد من انقلاب المكيدة على أصحابها . بل إن عددا من الدول على غرار بريطانيا وكندا حذرت مواطنيها من الاقتراب من الحدود الجزائرية، بما حول هذا البلد إلى ناقة جرباء يخاف الجميع من عدواها.
هذا، وقد بات مكشوفا للعيان، أن العسكر الجزائري الحاكم، كان يحاول من خلال هذه الجريمة، أن يجر المغرب إلى ردة فعل تكون شرارة لاندلاع حرب بين البلدين، بما يتيح لنظام يختنق صرف نظر الجزائريين عن أوضاعهم الداخلية المزرية، والهروب من مراكمة الفشل ومن احتمال تفجر الأوضاع داخليا.
لكن حكمة ملك البلاد وسلوك الدبلوماسية المغربية في هذا الإطار أحبطت هذه المناورة كما أحبطت مناورات أخرى سابقة، وحرمت العدو الرئيسي للوحدة الترابية للمغرب من مساعيه الدموية الهدامة.
هكذا إذن، يتضح الفارق بين حكمة ملكية أصيلة ضاربة في أعماق التاريخ وبين نظام هجين ينقلب عليه في كل مرة شر أعماله.
