وفي تقديم له، أبرز إمانويل ليشيبر منشط البرنامج أن هذ العدد خصص للتحولات السياسية والاقتصادية في مناطق شمال إفريقيا و الشرق الأوسط، مسلطا الضوء على المغرب، البلد الذي لديه “المسار الأكثر استقامة “، والذي يظل في منأى عن الاضطرابات السياسية، وكان من البلدان الأوائل التي باشرت إصلاحات اقتصادية ليبرالية”.
وفي الوقت الذي تطرق فيه السيد كاتب لمختلف “الانشقاقات” التي يعرفها العالم العربي، لاسيما على الأصعدة الجيوسياسي والدينية والأثنية والمجتمعية وكذلك الرهانات المطروحة في المنطقة، ابرز السيد العلوي العناصر التي تجعل المغرب يتسم بالتفرد في محيطه.
وأوضح رئيس المعهد المغربي للذكاء الاستراتجي أن عام 1994، كان سنة انفتاح المغرب على العالم بالتوقيع في مراكش على اتفاقات “الغات” وإزالة بعض الحواجز الجمركية وانخراط المملكة في اتفاقات التبادل الحر التي مكنت المغرب اليوم من ربط علاقات تجارية مع 54 بلدا بفضل اتفاقات التبادل الحر التي لديه .
وأكد أن هذ التفرد المغربي يرجع إلى المسار والاستقرار المكرو- اقتصادي والمؤسساتي اللذان مكانا المملكة من تجاوز العديد من العقبات.
وبخصوص “الربيع العربي “، أوضح السيد العلوي أن هناك سببين يفسران لماذا ظل المغرب في منأى عن هذه التحركات : يتعلق الأمر أولا بالإصلاحات الاستباقية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس منذ بداية سنوات ال2000، وإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة وكذلك الأوراش الكبرى التي تم إطلاقها.
وابرز أن “الفترة الأولى من حكم جلالة الملك كانت بأكملها للاستثمارات العمومية و الضخمة “.
وبحسب قوله فإنه بالنسبة للمغرب كان لابد من إيجاد إجابات براغماتية لمشاكل ملموسة، مسجلا أنه مند 1999، كان من الضروري إرساء آلية منتجة بمقدورها الانتشار في العالم سواء في القطاع الصناعي أو الخدمات.
وأوضح السيد العلوي أن “الرهان الأول لجلالة الملك محمد السادس كان هو إعداد جميع البنيات التحتية القادرة على البدء في هذ الإقلاع الاقتصادي “، مذكرا بتشكيل مؤخرا لجنة خاصة مكلفة بالتفكير في نموذج تنموي جديد.
ومع ذلك، يرى السيد العلوي أن هذ النمو الهام الذي عرفه المغرب على مدى العشرين سنة الماضية تخللته “تفاوتات” على صعيد توزيع الإيرادات مع تنامي عدم المساواة حتى وإن كان متوسط الدخل قد ارتفع بالنسبة للجميع مع انتشال الكثيرين من الفقر الحاد وتراجع معدل البطالة بمقدار النصف خلال عشرين عاما.
وأوضح أن “مقاربة جلالة الملك في المجال الاقتصادي هي مقاربة برغماتية للغاية من خلال السعي لتوظيف موقع المغرب الجيو اقتصادي و توظيف الإمكانات التي نتوفر عليها وأنه لا توجد صناعات استخراجية في المملكة”.
وفي معرض حديثه عن الصعوبات التي يوجهها القطاع الخاص في تحقيق الاقلاع كما هو الحال في جميع البلدان العربية، لاحظ السيد العلوي أن الأمر يتعلق بمحدد ثقافي، لكون القطاع الخاص المغربي يعتمد في غالب الأحيان على الطلب العمومي.
واعتبر ان المغرب يسعى إلى إيجاد مسارات تمكنه من إعطاء دفعة قوية للقطاع الخاص، مسجلا أن الأمر يتعلق بمسار “لايزال في طور البناء”.
كما تطرق إلى التحديات التنموية التي يتعين على المملكة رفعها في السنوات القادمة، في مقدمتها ورش التعليم وإدماج الشباب في سوق الشغل في عالم ما فتئ يزداد تعقيدا مع الثورة الاقتصادية الرابعة، مبرزا أن المغرب لا يواجه تحديات مختلفة عن تلك التي تواجهها بلدان أخرى.
وبخصوص علاقات المملكة مع أوروبا، أبرز السيد العلوي أنه لابد من وضع الأمور على مستوى استراتيجي، معتبرا أن فشل جنوب المتوسط يعني منطقة اضطرابات غير مسبوقة في أوروبا “.
ويرى السيد العلوي ان “القضية التي تطرح اليوم تتمثل في كيفية بناء وحدة المصير هاته لأنه لامجال للإخفاق بالنسبة لنا”.