اعتبر الخبير في العلاقات الدولية وأستاذ الدراسات الإفريقية، الموساوي العجلاوي، قرار البرلمان الأوربي بشأن المغرب، “خطأ سياسيا كبيرا وانتصارا لإسبانيا بدون وضع التعاون المغربي الاستراتيجي مع أوروبا بعين الاعتبار”.
وأوضح العجلاوي، في تصريح لـلصحافة الوطنية أن “هناك خطأ استراتيجيا، حيث لا يمكن أن نبني العلاقات كما جاء في بيان وزارة الخارجية بهذا الشكل، كما أنه لم يعد مقبولا وضع الأستاذ والتلميذ مع ضرورة فصل الإشكال بين المغرب واسبانيا.
وأوضح العجلاوي، أن القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوربي يوم أمس الخميس، يتضمن جوانب ينتصر فيها لإسبانيا، وفيه أيضا جوانب يشيد بها بقرار جلالة الملك محمد السادس بإعادة القاصرين بعد تحديد هويتهم، ثم أيضا فيه بعض الكلمات التي تبرز أن المغرب له أهميته بالنسبة للاتحاد الأوربي.
وأكد العجلاوي، في هذا الصدد، أن قرارات البرلمان الأوروبي غير ملزمة للدول الأعضاء، كما تعتبر توصية غير ملزمة لحكومات الاتحاد الأوربي، مضيفا أنه جزء من مؤسسات تشريعية الى جانب مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية وبالتالي ليس له وزن على مستوى القرار.
وأفاد المتحدث ذاته، أن المشكل في القرار هو الانتصار لإسبانيا ظالمة أو مظلومة وهذا خطير في العمل التشريعي والمفهوم الديموقراطي بالنسبة لمجال جغرافي يعطي دروسا في الديموقراطية لدول العالم.
كما يتضمن القرار، يضيف العجلاوي، مسألة خطيرة جدا وهي اعتبار سبتة أرضا أوروبية، مبينا أنه لأول مرة يتم ذكر هذا الأمر بالرغم من الوضع القانوني الخاص بالنسبة لسبتة ومليلية، وأردف: “هم يعتبرونها حدودا للاتحاد الأوروبي وأرضا أوروبية”، متسائلا: “متى كانت أوروبا جزءا من إفريقيا”.
وأشار العجلاوي، إلى أن مداخلة هيلينا دالي باسم المفوضية الأوروبية كانت متميزة، مكونة من 5 فقرات، الفقرة الأولى حول حقوق الانسان والهجرة، بينما خصصت أربع فقرات كلها للإشادة بدور المغرب وأهميته والصداقة وكثيرة من المصطلحات التي تؤكد أهمية المغرب بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
وبخصوص تصويت البرلمان الأوربي، شدد العجلاوي، على أنه ليس هناك إجماعا وهذه مسألة أساسية بمعنى أن هناك خلافات بين البرلمانيين أنفسهم داخل البرلمان الأوروبي، مشيرا إلى أن عددا من البرلمانيين الأوربيين أدانوا هذا القرار والتوظيف السياسي له على اعتبار أنه لن يفيد شيئا في بناء العلاقات الجيدة.
وعن أفق العلاقات الثنائية المغربية الاسبانية في ظل هذا التوتر، يرى العجلاوي، أن المغرب عليه أن يرتب أرقامه جيدا، مشيرا إلى أن ثلثي المبادلات التجارية تتم مع الاتحاد الأوروبي وهو عمق استراتيجي اقتصادي بالنسبة للمغرب، كما أن المغرب هو عمق استراتيجي أمني واقتصادي بالنسبة لأوروبا.
وذكر العجلاوي، على أن هناك ثلاثة ملفات ستحدد نوع العلاقات المغربية الأوربية، أولها الهجرة، باعتبار أن المغرب هو رائد الهجرة داخل الاتحاد الافريقي، حيث هناك مرصد للهجرة داخل الرباط، كما أن المغرب هو بلد عبور وإقامة ولذلك ما تعطيه المفوضية الأوروبية للمغرب فيما يخص تدبير ملف الهجرة لا يساوي إلا 20 في المائة مما ينفقه، بمعنى أن المغرب ينفق من قوت المواطنين المغاربة من أجل تدبير مسألة الهجرة السرية اتجاه الشواطئ الأوربية.
الملف الثاني، يوضح العجلاوي، هو التعاون الأمني، حيث أشار في هذا الصدد بيان وزارة الخارجية إلى تبادل عدد من المعلومات مع الأجهزة الأمنية ومؤسسات الأمن الداخلي داخل دول أوروبا بالخصوص، مضيفا أن الملف الثالث، يتعلق بما هو اقتصادي ومالي.
ويرى العجلاوي، أن هناك تحولات جيوسياسية كبيرة جدا في المنطقة يأخذ فيها ملف الصحراء حيزا كبيرا، والملف الليبي، وهناك أيضا أمن واستقرار غرب المتوسط، هذه الأشياء كلها “يجب أن تدفع الدول الغربية الى إعادة حساباتها لأنه مع كامل الأسف الكثير من الأحداث تذهب بالقول على أن الاتحاد الأوروبي هو قوة اقتصادية، لكن على مستوى التدبير السياسي والجيوسياسي والجيوستراتيجي تخلف كثيرا ليس في علاقته مع المغرب فقط وإنما في العلاقة مع الجزائر، وهناك الملف الليبي، ومنطقة الساحل والصحراء…”.
وخلص المتحدث ذاته، إلى الاستقرار مطروح على الاتحاد الأوروبي أكثر مما هو مطروح على المغرب، مبرزا أن المغرب أصبح رقما كبيرا في التحولات الجيوسياسية في منطقة شمال غرب افريقيا وفي الغرب المتوسطي.