تدلاكت، الزليج، الجبص، القبة، متعددة هي الأشكال الفنية التي تعبر عن التنوع المعماري بالمغرب والتي تنسجم حاليا مع تحقيق الرفاهية الحديثة، وذلك بفضل تناسق مختلف التقنيات لإضفاء لمسة مبتكرة على المعمار.
وتشهد دقة المنحوتات والتفاصيل المعمارية المركبة التي تم إعدادها بعناية، على الخبرة الاستثنائية والمهارة المبهرة والمؤكدة للصناع التقليديين المغاربة، ذلك أن كافة هذه العناصر المعمارية تتطلب عملا حثيثا وكثيرا من الدقة.
وأكد السيد عبد اللطيف راجي، وهو من العارضين القادمين من فاس، في تصريح له، أن الزليج الفاسي معروف على الصعيد الوطني والدولي بفضل جودته وجماليته وأصالته وأشكاله المزخرفة وألوانه المتعددة.
وقال إن “الحديث عن الزليج يذكر بشكل أساسي بمدينة فاس صاحبة هذا الفن الذي يعد مفخرة المغرب”، مسجلا أن المركز الرئيسي لإنتاج وصناعة الزليج يتواجد بهذه المدينة المعروفة بطينها الخاص.
وأشار إلى أن “هذا المنتوج المميز للهندسة المعمارية المغربية يعرف إقبالا ملحوظا، نتيجة لارتفاع عدد الزبناء من داخل المغرب وخارجه، كما أن مختلف الطلبيات تأتينا من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط”.
وأوضح أن هذا التراث المتأصل بات يستقطب بشكل متزايد، الشباب المهتمين بهذه الحرفة. هؤلاء الشباب قدموا أفكار جديدة تواكب التحولات الكبرى التي يشهدها عالم اليوم، بالعمل على تقنية الأبعاد الثلاثية”.
من جهته، عبر السيد زين العابدين القاسمي الإدريسي، الصانع التقليدي المتخصص في مجال الخشب، عن تشبثه الكبير بهذه الحرفة “النبيلة” التي يمارسها منذ أزيد من 30 سنة، بنفس الحب والشغف، وعن أمله في نقلها إلى الأجيال الصاعدة قصد صون هذا الإرث الذي لا يقدر بثمن.
ودعا السيد الإدريسي، الذي ينحدر من مدينة فاس، إلى تثمين هذا القطاع لضمان استمراريته، مبرزا أن عمله ينصب على خشب الأرز المعروف بمزاياه الصحية وجودته، باستخدام اللون الأزرق والأصفر والأحمر والأخضر.
وبخصوص الأشكال الهندسية والزخارف، أشار الصانع التقليدي إلى “المربط” و”الرزة” و”التوريك” وغيرها، مضيفا أن لمسة التحديث باتت لازمة لإرضاء جميع أذواق الزبناء.
وعن مشاركته في هذا المعرض، سجل أن هذا الحدث يشكل فرصة للصانع التقليدي المغربي، قصد تبادل الأفكار والخبرات وإبراز المنتوج المحلي.
وتسعى الدورة السادسة للأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من 12 إلى 26 يناير الجاري بساحة باب جديد بمراكش، إلى إرساء علامة تجارية للصناعة التقليدية المغربية وجعل هذه التظاهرة فضاء رئيسيا لالتقاء الصناع التقليديين الذين يرغبون في تثمين إبداعاتهم والاطلاع على الاتجاهات السائدة في المجال وإيجاد منافذ جديدة وتسويق المنتجات مع الحفاظ على مداخيل الصناع والرفع منها.
وأضحى هذا الموعد، المنظم بمبادرة من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي بشراكة مع دار الصانع، يجمع كافة جهات المغرب للاحتفاء بالحرفيين الموهوبين الذين يستوحون أشكال وألوان أعمالهم من أعماق التقاليد والعادات التي تتميز بها كل جهة من جهات المملكة.
وتعد الصناعة التقليدية من بين القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأهمية البالغة للاقتصاد الوطني، والتي تمكن من خلق قيمة مضافة وفرص عمل تشمل مليونا و130 ألف مشتغل بالقطاع، برقم معاملات يتجاوز 73 مليار درهم سنويا.
وتتميز دورة هذه السنة بتبني مفهوم جديد يقوم على توزيع موضوعاتي جديد لعشر حرف تقليدية، ودعوة ألف و200 عارض من صناع تقليديين وتعاونيات ومقاولات تنتمي إلى الجهات ال12 للمملكة، إلى فضاء عرض تبلغ مساحته 50 ألف متر مربع.
ويتضمن برنامج دورة هذه السنة ورشات تكوينية مخصصة للصناع التقليديين حول التسويق وتقنيات البيع وإجراءات الجمارك المتعلقة بالتصدير والتربية المالية بشراكة مع بنك المغرب.
وتعرف الدورة إقامة جناح مخصص للحفاظ على الحرف المهددة بالانقراض وتمديد مدة العرض من أسبوع إلى أسبوعين ومشاركة عدد من البلدان الصديقة كضيوف شرف، وهي تونس وموريتانيا والشيلي وإندونيسيا والهند.