بعد أن كان مرادفا، ولفترة طويلة، للحيوية والطقس الجميل، أضحى فصل الصيف يرتبط بموجات حرارة مقلقة، تهدد الإنسان، والحيوان، وكل ما يوجد على الأرض.
ويتفق اليوم العديد من العلماء والسياسيين والفاعلين في المجتمع المدني على أن موجات الحرارة لا يمكن إلا أن تكون من أعراض التهديد المستمر لتغير المناخ.
وخلال بداية موسم الصيف لهذه السنة، اجتاحت موجة حر شديدة شمال غرب المحيط الهادي، تاركة آلاف الأمريكيين بدون كهرباء، في وقت تكافح فيه معظم البلاد ضد أسوأ موجة جفاف في العقدين الماضيين، حيث تسببت الظروف الجوية المقلقة في حرائق الغابات أوائل شهر يونيو الماضي بكل من كاليفورنيا ونيفادا وواشنطن.
وفي هذه المنطقة من الولايات المتحدة المعروفة بمناخها المعتدل، سجلت درجات الحرارة ارتفاعا بأربع درجات عن المعتاد، مع أرقام قياسية في درجة الحرارة في شمال غرب المحيط الهادئ، ليس بدرجة أو درجتين، بل بأربعة أو خمسة.
وحسب مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية فقد تجاوزت درجات الحرارة في ولاية أوريغون 47 درجة هذا الأسبوع. ويعزى هذا الرقم القياسي إلى القبة الحرارية التي تحبس الهواء الساخن فوق الولاية ومحيطها، حيث تم ربط مئات الوفيات بموجة الحر التاريخية التي اجتاحت المنطقة.
وحسب مكتب الطبيب الشرعي للولاية، فقد لقي ما لا يقل عن مائة شخص مصرعهم منذ يوم الجمعة الماضي في هذه الظروف من الحرارة الشديدة، فيما أعلنت شرطة ولاية أوريغون، من جهتها، أن “تحقيقا أوليا يشير إلى أن هذه الوفيات من المحتمل أن تكون مرتبطة بموجة الحر في شمال غرب المحيط الهادي”.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم، لاسيما إذا استمرت موجة الحرارة. وحسب مسؤولي الولاية فقد تراوحت أعمار الذين توفوا ما بين 44 و97 سنة معظمهم كانوا يعانون من مشاكل صحية أساسية.
ولمواجهة هذه المشكلة، عقد الرئيس جو بايدن، خلال الأسبوع الجاري، اجتماعا بشكل افتراضي، مع حكام الولايات الغربية لمناقشة موجات الجفاف والحرارة التي تزداد سوءا مع تغير المناخ، فضلا عن أنجع طريقة لمعالجة هذه الوضعية التي تنذر بصيف آخر مدمر.
وقال بايدن، خلال هذا الاجتماع، “إن تهديد حرائق الغابات في الغرب هذا العام أكثر خطورة من أي وقت مضى”، مضيفا “الآن يجب أن نتحرك ونتصرف بسرعة”.
وتابع قائلا “يتسبب تغير المناخ في الجمع بين الحرارة الشديدة والجفاف المطول”، مشيرا إلى “أننا نشهد حرائق غابات أكثر كثافة وأسرع انتشارا”.
وخلال هذا الاجتماع، أعلنت الإدارة الأمريكية عن توظيف المزيد من رجال الإطفاء الفيدراليين وزيادة رواتبهم على الفور.
وقال البيت الأبيض، في بيان، “بسبب التغير المناخي، لم تعد مكافحة حرائق الغابات نشاطا موسميا”، مؤكدا أنه في الوقت الذي “تتحول مواسم الحرائق إلى سنوات من الحرائق، فمن الضروري وجود يد عاملة متاحة على مدار السنة للتدخل في جميع اللحظات، حتى عندما يتعلق الأمر بالإجراءات الوقائية”.
وتم في العام الماضي، تسجيل درجة حرارة قياسية جديدة في القارة القطبية الجنوبية أي بمعدل 18,3 درجة، وهي اشارة دالة على الاحتباس الحراري.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، “إن التحقق من سجل درجات الحرارة القصوى أمر مهم لأنه يساعدنا على تكوين فكرة عن الطقس والمناخ في واحدة من آخر حدود الأرض”.
وأضاف تالاس أن “شبه جزيرة أنتاركتيكا من بين أسرع المناطق التي تسجل ارتفاعا في درجات الحرارة على الكوكب، بحوالي 3 درجات على مدار الخمسين عاما الماضية”، مسجلا أن “الرقم القياسي الجديد لدرجات الحرارة يتوافق بالتالي مع تغير المناخ الذي نشهده”.
وجدد المجتمع العلمي مرافعاته من أجل تحول بيئي يروم الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وبالتالي تفادي التداعيات المميتة للاحتباس الحراري.