بقلم احمد بلغازي
بفضل الحكمة والتبصر اللذان تميزت بهما مبادرات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله منذ توليه مقاليد عرش أجداده المنعمين، حققت بلادنا في غضون هذه ألسنة إنجازات دبلوماسية تمثلت في فتح العديد من البلدان من مختلف القارات، قنصليات في مدينة الداخلة، عاصمة جهة الداخلة وادي الذهب ،وهي الجهة التي تشكل حزام حدود بلادنا الجنوبية الشرقية، وهي إشارة تستحق وحدها التأمل في أهميتها، باعتبار اختيار عاصمة الحزام الحدودي لتكون مقرا للبعثات الدبلوماسية الاجنبية الممثلة للبدان المعترفة بالسيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية للوطن.
كما تمثلت هذه الانجازات في تحرير معبر الگرگارات وتأمينه من أجل ضمان السير اليومي والعادي للسلع والتنقل البشري ، لكونه اهم شريان بري يربط المغرب بإفريقيا الغربية.
وبالإضافة الى هذين الإنجازين الهامين للحاضر والمستقبل ارتباطا بقضية وحدتنا الترابية، تعززت وحدة بلادنا الترابية باعتراف الولايات المتحدة الامريكية بسيادة بلادنا على اقاليمنا الجنوبية، وبفشل خصوم وحدتنا الوطنية، في ثني إدارة بايدن عن هذا الاعتراف ،الذي شكل صدمة قوية، ليس للنظام العسكري الجزائري وحده، ولكن كذلك لإسبانيا ومن ورائها بعض الدول الأوربية المستفيدة من إطالة أمد الصراع في شمال افريقيا حول قضية الوحدة الترابية للملكة المغربية.
أما بخصوص الجانب الاقتصادي والاجتماعي ومستقبل التنمية ارتباطا باستكمال الوحدة الترابية، والتي أصبحت واقعا لا جدال فيه بالنسبة للشعب المغربي وبالنسبة للدول الصديقة والشقيقة التي حسمت موقفها رسميا وعلنيا في هذا الموضوع، فقد شكلت المبادرات الملكية كابوسا حقيقيا لاسبانيا ومن انخرط معها في التآمر الصامت.
ذلك أن المغرب فاجأ جارتنا الايبيرية بإقدامه على إنشاء إحدى أكبر الموانئ العالمية على المحيط الاطلسي بشاطئ مدينة الداخلة، ليمدد سيطرته على التجارة البحرية الدولية وتنقل الاشخاص والبضائع من البوابتين المتوسطية (عبر الميناء المتوسطي)، الذي أبطل مفعول التفوق التجاري البحري الإسباني على المغرب، وذلك بسبب الضربة التي وجهها هذا الميناء العالمي الى الدور المنوط بميناء الجزيرة الخضراء الاسباني.
وهكذا جاء انشاء ميناء الداخلة الاطلسي بمواصفاته العالمية، ليطوق النفوذ التجاري البحري لإسبانيا ويعيد الترتيب لفائدة المغرب، من حيث الاستفادة من الجغرافيا البحرية على ضفتي المتوسط والأطلسي، ويجعل من المغرب القوة الإقليمية الوحيدة، المتحكمة في شرايين التواصل بين القوى العالمية المتنافسة على الوصول إلى سوق القارة الافريقية الواعد.
هذه هي استراتيجية المغرب بقيادة عاهله المفدى، وهذه أبرز وأهم الأسباب التي أفقدت اسبانيا أعصابها، واسقطتها في تناقضات داخلية، وصلت بحكومة مدريد إلى حد إهانة واستغفال قضائها والاحتيال عليه، من خلال تواطؤ وتزوير هوية مجرم مطلوب للعدالة الإسبانية ذاتها .. فالنصر للمغرب والخزي لمن عاداه.