أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الإثنين انتهاء استخدام وقود السيارات المحتوي على الرصاص على مستوى العالم، ما يعد انجازا تاريخيا سيساهم في منع أكثر من 1,2 مليون حالة وفاة مبكرة وتوفير أكثر من 2,4 تريليون دولار سنويا على الاقتصاد العالمي.
وقال البرنامج إنه بعد نحو قرن من أول تحذير للأطباء بشأن استخدام رباعي إيثيل الرصاص كمادة مضافة للبنزين لتحسين أداء المحركات، استنفدت الجزائر، آخر دولة تستخدم هذا الوقود، إمداداتها منه في تموز/يوليو الماضي، واصفة ذلك بالانتصار التاريخي في الكفاح من أجل هواء أنظف.
وقالت إنغر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة “إن التطبيق الناجح للحظر المفروض على البنزين المحتوي على الرصاص يمثل علامة فارقة في الصحة العالمية وبيئتنا”.
وحتى قبل نحو عقدين كانت أكثر من 100 دولة حول العالم لا تزال تستخدم الوقود المحتوي على الرصاص، على الرغم من الدراسات التي تربطه بالوفيات المبكرة والأمراض وتلوث التربة والهواء.
وأثيرت المخاوف الجدية حوله عام 1924 بعد ان احتاج عشرات العمال في مصفاة تديرها شركة “ستاندرد أويل” الأميركية العملاقة للدخول الى المستشفيات لتلقي العلاج نتيجة اصابتهم بتشنجات أدت الى وفاة خمسة منهم.
ومع ذلك فإنه في سبعينات القرن الماضي كان البنزين المنتج حول العالم بأكمله يحتوي تقريبا على الرصاص.
وعندما بدأ برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2002 حملته للقضاء على الرصاص المستخدم في البنزين، كانت العديد من الدول الكبرى قد توقفت بالفعل عن استخدامه بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والهند، لكن في الدول ذات الدخل المنخفض ظل الوضع مترديا.
عام 2016 بعد أن توقفت كوريا الشمالية وبورما وأفغانستان عن بيع البنزين المحتوي على الرصاص ، لم يتبق سوى حفنة الدول توفر هذا الوقود في محطاتها، منها الجزائر التي التحقت أخيرا بالعراق واليمن في إنهاء اعتمادها على هذا الوقود الملوث.
وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة في بيان إن “حظر استخدام البنزين المحتوي على الرصاص يمنع أكثر من 1,2 مليون حالة وفاة مبكرة سنويا ، ويزيد من نقاط حاصل الذكاء بين الأطفال، ويوفر 2,45 تريليون دولار أميركي للاقتصاد العالمي، ويقلل من معدلات ارتكاب الجريمة”.
وأشارت الوكالة الأممية الى أن هذه الأرقام هي ما توصلت اليه دراسة لعدد من العلماء أجريت عام 2010 في جامعة نورثريدج في كاليوفرنيا.
وشددت الوكالة على الحاجة الى خفض استخدام الوقود الأحفوري بشكل عام لمكافحة التغير المناخي وآثاره المدمرة.
وأشادت منظمة غرينبيس بهذه الأنباء ووصفتها بأنها “احتفال بنهاية حقبة سامة”.
وقالت ثانديلي تشينيافانو الناشطة في مجال المناخ والطاقة في المنظمة “هذا يظهر بوضوح أنه إذا تمكنا من التخلص التدريجي من ـحد أخطر أنواع الوقود الملوثة في القرن العشرين، يمكننا حتما التخلص التدريجي من بقية أنواع الوقود الأحفوري”.
وأضافت “يتعين على الحكومات الافريقية ألا تقدم المزيد من الأعذار بشأن صناعة الوقود الأحفوري”.
وتشير تقديرات الى أن مبيعات السيارات ستشهد نموا كبيرا على مستوى العالم، لا سيما في الأسواق الناشئة.
وأضاف بيان برنامج الأمم المتحدة “يعد قطاع النقل مسؤولا عما يقرب من ربع الاحتباس الحراري العالمي المرتبط بالطاقة. ومن المقرر أن ترتفع انبعاثات الغازات إلى الثلث بحلول عام 2050”.
وقال إن “1,2 مليار سيارة جديدة ستسير على الطرق في العقود القادمة، وسيستخدم العديد منها الوقود الأحفوري (…) وهذا يشمل ملايين السيارات المستعملة ذات الجودة الرديئة المصدرة من أوروبا والولايات المتحدة واليابان إلى البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض”.
ولفت الى أن “هذا يساهم في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وتلوث الهواء ويتسبب في وقوع الحوادث”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، حذر تقرير صادر عن اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي من أن متوسط درجة حرارة الأرض ستكون أعلى 1,5 درجة بحلول عام 2030، أي قبل عقد مما كان متوقعا، ما يدق ناقوس الخطر بشأن استخدام الوقود الأحفوري.