شهدت مسرحية “المجذوب” ، التي حطت الرحال بالمركب الثقافي لسطات، إقبالا جماهيريا كبيرا من قبل عشاق الفنون من مختلف الأعمار ، الذين تحدوا قساوة البرد حتى ساعة متأخرة من الليل رغبة في استكشاف ثنايا ومضامين هذه اللوحة الفنية في حلتها الجديدة.
ومما ميز هذا العرض، الذي بادرت إلى تقديمه جمعية أنفا للمسرح والفنون الشعبية، مشاركة نخبة من الفنانين من أجيال مختلفة في تناغم وثيق بين الرواد والمواهب الشابة لتجسيد ملامح هذه اللوحة الابداعية ، التي أضفى عليها الفنان والمخرج محمد مفتاح المزيد من الجمالية من خلال إقدامه على إعادة بسطها في قالب فني يتماشى مع متطلبات روح العصر الحديث.
ويعود تأليف هذه المسرحية في ينابيعها الأولى إلى سنة 1966 حيث استنبط المسرحي الكبير ، الراحل الطيب الصديقي سبر أغوار شخصیة الشیخ عبد الرحمان المجذوب، برباعیاته المتداولة في التراث الشعبي الشفاهي المغربي، مكتسية طابعا فرجويا مغربيا عریقا.
وقد كان لهذا الانتاج المسرحي ، المندرج في إطار المساعي المبذولة لإحياء الریبیرتوار الفني للطیب الصدیقي، تأثيرا عميقا في تاريخ المسرح المغربي المقدم من طرف فرقة مسرح الناس، وذلك من خلال تدوين مقولات الشیخ سیدي عبد الرحمان المجدوب ، في سفر عبر مغرب العهد السعدي، وفي محاولة للنبش في الذاكرة ونفض الغبار عما اكتنف شخصیة هذا الشیخ الحكيم.
وبالمناسبة أشار المنظمون إلى أن هذا العمل المسرحي في نسخته المنقحة ستدور أطواره يوم 24 يناير القادم بمدينة آسفي ضمن جولة فنية جديدة بعدد من المحطات، وذلك تتويجا للنجاح الذي حققه العرضان السابقان: الاول في 11 يناير بالجديدة والثاني في 17 من نفس الشهر بمدينة سطات.
وعن هذا المنتوج الجديد ،قال الفنان محمد مفتاح في تصريح للصحافة أن مدير انتاج مسرحية “المجذوب” عمر بحاري سعى الى اضفاء لمساته الفنية على مسرحية” سيدي عبد الرحمان المجذوب” حيث أبقى على عبر وحكم الشيخ مع إضفاء لون جديد من المشاهد ،رصد عبرها جانبا من حياة هذا الهرم الذي لازالت أقواله تتداولها الألسن إلى يومنا هذا.
وانطلاقا من مفهوم “الحلقة” كنوع مسرحي عريق، فقد حاول المؤلف حشرها ضمن أدوار هذه المسرحية التي أضفى عليها أساليب فرجوية بالدارجة المغربية، كان وراء تشخيصها كل من الفنانين عبد القادر مطاع والصديق مكوار وسناء كدار وفاطمة أبليج والمصطفى خليلي وخديجة كندي وخالد الناصري ومحمد زنيدي وبدر إدلحسن وسهام الغرنيطي وأيوب شكود إلى جانب المبدع محمد مفتاح.
ومن جانبه، أعرب الفنان عبد القادر مطاع عن ابتهاجه بهذه الجولة الفنية الجديدة التي تدعمها بالأساس مؤسسة البنك الشعبي تلبية لرغبة جمهور متعطش لأب الفنون، والتي سيحظى خلالها بتكريم خاص سيقام على شرفه اعترافا بعطاءاته الفياضة اسهاما في دعم الحقل الثقافي والفني بالمغرب.
ويرى المنظمون أن هذه الجولة ستعقبها مستقبلا جولات أخرى خارج الحدود الجغرافية للمملكة، حيث ستجرى على الصعيد الدولي 10 عروض: ثلاث عروض بكل من اسبانيا وهولندا وعرضين بكل من فرنسا وبلجيكا.
شاهد أيضاً
“واحات المغرب: مساهمة بيلبيوغرافية” إصدار جديد للباحث عمر حمداوي
صدر حديثا عن دار بصمة لصناعة الكتاب مؤلف جديد للباحث عمر حمداوي حول “واحات المغرب: …