بقلم أحمد بلغازي
تعيش بلادنا هذه الأيام على إيقاع احتفالات متوالية بذكريات وطنية، تمثل بالنسبة للشعب المغربي محطات لا تنسى في تاريخ أمجاده.
ففي السادس من نونبر كان احتفال المغاربة بالذكرى 49 لحدث المسيرة الخضراء التي يعتبرها المؤرخون للأحداث الإنسانية، أهم حدث شهدته الألفية .
ذلك، أن المسيرة الخضراء التي أبدعها الملك العبقري الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه كانت أول وسيلة سلمية يستعيد بها شعب أراضيه المستعمرة من دون إراقة دماء وحروب.
هذا في حين يمثل عيد الاستقلال في الثامن عشر من هذا الشهر، أي بفارق 12 يوما فقط على حدث المسيرة الخضراء، يوما تاريخيا حيث توج هذا اليوم مسيرة كفاح ملك وشعب للتخلص من نير احتلال دام 40 عاما.
فكان 18 عشر من نونبر، إيذانا بميلاد مغرب جديد، مغرب مستقل بسيادته وقراره بلا وصاية أجنبية كما كان حال المغرب عبر التاريخ.
وحيث أن الاحتفال تم في هذا الشهر بهذين الحدثين بما لهما من أهمية في ذاكرة المغاربة، فقد كان لا بد من لحظة تأمل فيما كنا عليه قبل عيد الاستقلال والمسيرة الخضراء وما بعدهما.
في هذا الإطار، كان لا بد من استعراض الإنجازات التي تحققت للمغرب، وهنا نجد قواسم مشتركة كثيرة.
فاستقلال الجزء الأكبر من بلادنا لم يكن سوى محطة أولى لإعادة بناء الدولة المستقلة، وكي تكون مستقلة كان لا بد أن تسترجع ما بقي منها جنوبا تحت الاحتلال الإسباني، وهو ما تم فعلا من خلال المسيرة الخضراء.
وإذا كان ملوكنا الأشراف قد عودونا على العمل المتواصل، وعلى إبداعاتهم من أجل مغرب لا يعمل لنفسه فقط، ولكن كدولة محور وقاطرة لما حولها من جوار قاري، فقد حول المغرب جنوبه المرتبط بإفريقيا إلى منصة عبور ثلاثية الأبعاد. فعبر هذه المنصة الجنوبية وبتكامل مع منطقة الشمال وما أنجز فيها من بنية تحتية وما جلب إليها من استثمارات وشركاء، أصبحت أقاليمنا الجنوبية محطة عبور بين ما وراء المتوسط والأطلسي وما بين دول الساحل وغرب افريقيا.
لذلك، نستطيع أن نفهم اليوم ارتفاع درجة السعار لدى الجارة التي وطنت نفسها على الحقد ومحاولة الهدم، بدل بسط يدها للتعاون والتكامل وبناء التنمية المشتركة للإقلاع الشمولي.
وقد رأى العالم كيف اختار نظام العسكر في هذه الجارة التي فرضتها الجغرافيا على دول والمغرب العربي وعلى هذه القارة، يوم احتفال المغاربة بذكرى المسيرة الخضراء لتهاجم مدنيين عزل من أبناء الصحراء المغربية في المحبس، وهي المحاولة التي أحبطها جيشنا الباسل في المهد.
هكذا، ستستمر قافلة المغرب في السير بقيادة ملكنا الهمام ولنترك الحقد يأكل كل صدور الحاقدين.