بقلم احمد بلغازي
بعد المصادقة على مشروع القانون الإطار للاستثمار في مجلس حكومي برئاسة جلالة الملك محمد السادس ، عين جلالته السيد محمد بنشعبون وزير المالية السابق في حكومة سعد الدين العثماني وسفير المغرب في باريس لاحقا ،مديرا عاما لصندوق محمد السادس للاستثمار .
وقرأت أوساط إعلامية وسياسية في هذا التعيين رسالة قوية الى باريس التي تمر علاقاتها مع بلادنا بأسوأ حالات التوتر منذ عقود من التعاون والتفاهم. هذا ويبدو ان في سحب السفير بنشعبون، وهو إطار متمكن في الشأن المالي والاقتصادي ، من سفير يمثل بلادنا لدى باريس إلى مدير عام لصندوق محمد السادس للاستثمار، إشارة قوية إلى أن المملكة قررت نقل الصراع مع فرنسا الى مرحلة كسر العظم ، ولكن بقدر كبير من الكياسة والهدوء الذي تتميز به سياسة عاهل المغرب في إدارة العلاقات . وكانت علاقات المملكة مع باريس قد بدأت تسوء في ضوء غموض الموقف الفرنسي من ملف الوحدة الترابية للمملكة ، بما يتناقض حتى مع مواقف دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا واسبانيا وألمانيا ومملكة هولندا، التي عبرت بطرق مختلفة عن اعترافها بسيادة بلادنا على أقاليمنا الجنوبية. هذا في حين اختارت فرنسا إضفاء مزيد من الغموض على موقفها من هذا الملف الذي ترفض المملكة المغربية ملكا وشعبا التلاعب به من طرف أي كان، أو تحويله من اي طرف دولي كان، إلى ورقة ابتزاز . وكان جلالة الملك محمد السادس قد أشار الى بوضوح الى الرؤية المغربية في هذا الاطار ، حين أكد في خطابه بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب قائلا : “أوجه رسالة واضحة للجميع : إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
ولذلك تبدو الخطوة التي أقدم عليها جلالة الملك في سحب سفير جلالته من باريس وتعيينه على رأس صندوق استثماري،رسالة حازمة وجريئة ومدروسة بعناية ، وضربة موجعة للسياسة الخارجية الفرنسية إزاء الوحدة الترابية لبلادنا، ومحاولة استعمالها لأغراض ومصالح عابرة مع النظام الجزائري .