تم تسليط الضوء على تجربة المغرب الرائدة في المجال الطاقي خلال قمة التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة، التي نظمت مؤخرا في منطقة نينغشيا بشمال غرب الصين، وذلك بمشاركة مسؤولين ودبلوماسيين وخبراء من الصين والدول العربية .
وشكل هذا الحدث، الذي نظم على هامش انعقاد الدورة الخامسة لمعرض الصين والدول العربية، مناسبة لإبراز السياسات والإنجازات والآفاق الرئيسية للمملكة المغربية في هذا القطاع الاستراتيجي، وكذا دينامية التعاون المغربي الصيني في مجال الطاقات المتجددة.
وفي هذا الصدد، ذكر سفير المغرب لدى الصين، عزيز مكوار، أنه بتوجيه من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، شرع المغرب في وقت مبكر من عام 2008، في إعداد برنامج يدمج مصادر الطاقة المتجددة في القدرة على توليد الكهرباء، وقد أدى ذلك بالفعل إلى تطورات في قطاع الطاقة الشمسية ، والتي أصبحت جزءا أساسيا من مزيج الطاقة في البلاد.
وأبرز مكوار، في رسالة، أن الهدف الاستراتيجي الوطني هو تعزيز الأمن الطاقي للمملكة عن طريق تقليل الاعتماد على واردات الطاقة، وزيادة استخدام المصادر المتجددة لإنتاج الكهرباء، مشيرا إلى أن اعتماد المغرب على واردات الوقود لتطوير اقتصاده جعله عرضة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية.
وأوضح أن الخطة استندت إلى مجموعة من المبادئ الأساسية تتمثل في إنشاء مزيج طاقة متنوع، وزيادة مستويات النجاعة الطاقية، وتوسيع استكشاف موارد الطاقة في البلاد، وتعزيز الاندماج الإقليمي مع أسواق الكهرباء الأخرى، بهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية للبلاد مع التركيز بشكل خاص على الاستدامة.
وأشار السفير إلى أنه تم بالفعل بلوغ الهدف الطموح المتمثل في إنتاج 42 في المائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في عام 2020، ومن المقرر الوصول إلى هدف 52 في المائة عام 2024، أي قبل ست سنوات من عام 2030 المحدد سلفا، مضيفا أنه تحقيقا لهذه الغاية، يتم العمل على مشاريع الطاقات الكهرومائية والشمسية والريحية في مختلف أنحاء المملكة.
كما أشار إلى أن المغرب تمكن على نطاق واسع من إيصال خدمات الكهرباء لسكانه بالعالم القروي، ويعمل على تطوير موارد الطاقة المتجددة المهمة في البلاد، وكذا تعزيز مكانته كمركز إقليمي للطاقة المتجددة، مبرزا في هذا السياق أن السنوات الأخيرة شهدت بناء وإطلاق عدد من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى، من بينها محطة نور للطاقة الشمسية في ورزازات.
وذكر مكوار، في هذا الصدد، أن “شاندونغ إليكتريك باور المحدودة” (سيبكو 3)، وهي شركة تابعة للمجموعة الصينية “باور كونستركشن كوربوريشن” ساهمت في 2015 في بناء المشروعين الثاني والثالث لمجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات، إذ تم بالفعل تشغيل كلا المشروعين بشكل تجاري، وساهما في إحداث العديد من فرص الشغل للسكان المحليين.
واعتبر أن ذلك يعد مثالا حقيقيا على التعاون في مجال الطاقة بين الصين والمغرب، مشيرا إلى أنه بين عامي 2011 و 2015 زادت الاستثمارات الصينية المباشرة في المغرب بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاستثمار في محطة نور للطاقة الشمسية.
من جانب آخر، أبرز السفير أنه تماشيا مع التزاماتها الوطنية والدولية، عززت المملكة دورها في العمل الدولي بشأن التغير المناخي، وخاصة عبر التصديق على اتفاقية باريس للمناخ، ووضع سياسة مناخية وطنية جديدة، واستضافة قمة المناخ “كوب 22” في مراكش في عام 2016.
وأضاف أن تطوير مصادر الطاقة المتجددة يساعد في الوفاء بالتزامات المغرب المتعلقة بالطاقة النظيفة والتغير المناخي، فضلا عن تحسين أمن الطاقة للبلاد، لافتا إلى أن المغرب يحرز تقدما قويا نحو طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة ومستدامة بما يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة .
وفي ندوة الاستثمار والتجارة التي نظمت بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة لمعرض الصين والدول العربية، التي شارك فيها المغرب كضيف شرف، استعرض المستشار الاقتصادي لسفارة المغرب في بكين، رضا الودغيري الإدريسي، الدينامية المهمة التي شهدها التعاون بين المغرب والصين في مختلف المجالات خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار.
وأبرز الودغيري أن علاقات التعاون بين البلدين ترتكز على أسس قوية وخاصة اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها في 2016 ، ومذكرة التفاهم بشأن انضمام المغرب إلى مبادرة “الحزام والطريق” في 2017، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية الصينية في الوقت الراهن وصلت إلى مستوى عال من التعاون في مختلف المجالات، وعلى سبيل المثال التعاون في المجال الصحي، والطاقات المتجددة، والجيولوجيا والمعادن.
وأكد أنه يتعين النظر إلى المغرب كمحور مهم في تفعيل مبادرة “الحزام والطريق”، داعيا إلى العمل معا للدفع بالتعاون إلى مستويات جديدة وخاصة في مجال الطاقات المتجددة.