الرباط – حتم تزامن التقرير السنوي لأنشطة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج مع الظرفية الاستثنائية التي يعرفها المغرب، والتي أثرت على تدبير الشأن السجني، على المندوبية مراجعة خططها والعمل على اتخاذ مجموعة من الإجراءات من أجل تحصين السجون والتصدي لانتشار وباء كورونا.
وأكدت المندوبية في تقرير لأنشطتها برسم 2020 أنها سارعت إلى إعداد خطة استباقية شملت مختلف المستويات البشرية والمادية واللوجيستيكية والصحية والأمنية والتأهيلية قصد تحصين المؤسسات والتي همت مرحلتين أساسيتين تميزت كل منهما بمجموعة من التدابير الاحترازية المتخذة، والتي توجت بالإعلان بتاريخ 12 يونيو 2020 عن خلو جميع المؤسسات السجنية من حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19.
ومن أجل محاصرة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على الساكنة السجنية وموظفي السجون، عمدت المندوبية العامة شهر أبريل 2020 إلى إطلاق خدمة للمواكبة النفسية عن بعد لفائدتهم، تقدم عبر منصة تواصلية إلكترونية DGAPR – PSY COVID19، كما تم إصدار سلسلة من البحوث النفسية والجامعية.
كما قامت المندوبية العامة بتدابير أمنية استثنائية لمواجهة جائحة كورونا وذلك انسجاما مع المقاربة الأمنية الاستباقية التي تعتمدها من أجل التصدي لمختلف المخاطر المهددة لأمن المؤسسات السجنية، وتدبير الأزمات على نحو يمكن من التدخل بالسرعة والفعالية اللازمتين حفاظا على أمن وسلامة السجناء والمرتفقين والموظفين على حد سواء.
وأضافت المندوبية أن مستهل سنة 2020 عرف تنظيم المنتدى الإفريقي الأول لإدارات السجون وإعادة الإدماج تحت شعار “نحو رؤية مشتركة لتعزيز التعاون جنوب-جنوب لمواجهة تحديات وإكراهات تدبير المؤسسات السجنية”، والذي شكل فرصة تم من خلالها تسليط الضوء على التطور الذي عرفه قطاع السجون وإعادة الإدماج بالبلاد وإتاحة تجربته الرائدة للدول الإفريقية المشاركة في المنتدى قصد تبادل الخبرات، لاسيما من حيث الأمن وتأهيل السجناء وتحديث إدارة السجون وتكريس الحكامة الجيدة بها.
كما عرفت بداية سنة 2020 -تشير المندوبية- تنظيم بعض التظاهرات قبل تغيير خطط المندوبية العامة تأقلما مع الوضعية الاستثنائية التي فرضها انتشار جائحة كورونا بالبلاد حيث احتضن مقر المندوبية العامة يوم 11 فبراير 2020 ندوة حول موضوع: “تطبيق البحث العلمي في تدبير المؤسسات السجنية” مضيفة أنه في الفترة من 06 إلى 16 فبراير 2020 شاركت المندوبية العامة برواق في المعرض الدولي للنشر والكتاب، كما تم يوم 04 مارس 2020 عقد اجتماع لإطلاق أشغال تحضير “المناظرة التوافقية” حول موضوع “الإدماج الاجتماعي للنزلاء بالمغرب” وتنظيم يوم دراسي حول موضوع “وجهات نظر متقاطعة حول تدبير مسار الاعتقال” والذي استفاد منه 43 من أطر وموظفي المندوبية العامة.
وأبرز التقرير أن المندوبية العامة عملت على توفير التعليم عن بعد لفائدة المتمدرسين والطلبة من نزلاء المؤسسات السجنية بافتتاح يوم 20 نونبر 2020 الاستوديو متعدد الوظائف بالسجن المحلي سلا الى جانب تنظيم النسخة الثالثة من الملتقى الصيفي للأحداث من 16 يوليوز إلى 10 شتنبر 2020 تحت شعار “التزام.. وقاية.. وإبداع” وذلك وفـق منظـور محلي يراعي التدابير والإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي للوقاية من خطر الإصابة بفيروس كورونا.
وذكر التقرير بإصدار ثلاثة أعداد من مجلة “دفاتر السجين” خلال سنة 2020 حيث شارك في العدد الثاني 26 نزيلا توزعت أعمالهم بين مقالات علمية وقصص قصيرة وشعر وزجل، بينما تم تخصيص العدد الثالث لإبداعات السجناء في نظرتهم وتصوراتهم وهواجسهم حول وباء كوفيد-19 وتداعياته النفسية والاقتصادية، فيما تم تخصيص العدد الرابع لموضوع النموذج التنموي الجديد بالمغرب بوجهات نظر نزلاء المؤسسات السجنية.
وبخصوص برامج التأهيل لإعادة الإدماج، فقد عرفت توقفا مرحليا فرضته الظرفية الخاصة بانتشار وباء كورونا ، حيث عمدت المندوبية العامة بمجرد تخفيف الإجراءات الاحترازية المتخذة إلى استكمال هذه البرامج، مضيفة أنها رفعت من عدد مراكز الامتحانات الجهوية والوطنية من 15 مركزا خلال الموسم الدراسي 2018 /2019 إلى 48 مركزا خلال الموسم الدراسي 2019 /2020، مع تعبئة كافة الإمكانيات المتاحة لتمكين السجناء من اجتياز الامتحانات في ظروف تضمن سلامتهم، إضافة إلى تطوير برامج التعليم عن بعد عبر إحداث استوديو للتعلم عن بعد بالسجن المحلي سلا 2 كخطوة أولى في تنزيل مشروع خلق فضاء جامعي يعتمد آلية التعليم عن بعد لفائدة السجناء المسجلين بجامعة محمد الخامس بالرباط.
أما في ما يتعلق ببرنامج محو الأمية، فقد بلغ عدد المسجلين برسم الموسم الدراسي 2019/2020 ما مجموعه 7767 مستفيدا، من بينهم 106 تلقوا تكوينا في إطار مقاربة التثقيف بالنظير أشرفوا بدورهم على تأطير 1481 سجينا أميا، إضافة إلى تسجيل 1043 سجينا ببرنامج محو الأمية الوظيفية.
وبخصوص التكوين الفلاحي، فقد عرفت نسبة المستفيدين تراجعا ب 13 في المائة بسبب تعذر إطلاق البرنامج في إطار الفوج الثاني الذي يتم عادة في شهر مارس، ونفس الأمر بخصوص التكوين الفني والحرفي ومسارات التكوين المهني الأخرى حيث حالت الوضعية الوبائية دون توسيع قاعدة المستفيدين.
ولإبراز مواهب النزلاء الفنية والحرفية وتشجيعهم على الإبداع، تم تنظيم مسابقة أحسن منتوج حرفي والتي شارك فيها 57 سجينة وسجينا بـ 83 عملا فنيا توج من خلالها 15 سجينة وسجينا فضلا عن متابعة المندوبية العامة جهودها المبذولة للتعريف بمنتجات وإبداعات السجناء وتسويقها حيث تم تخصيص رواق بالسوق التضامني للدار البيضاء لعرض وتسويق منتوجات وحدات التكوين الفني والحرفي القائمة بالسجون، إضافة إلى المشاركة في الدورة السادسة للأسبوع الوطني للصناعة التقليدية المنظم بمراكش خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 26 يناير 2020.
وعلى مستوى الأنشطة التأهيلية الموازية، حرصت المندوبية العامة على ضمان استمرارية برنامج “الملتقى الصيفي للنزلاء الأحداث” الذي ينظم منذ سنة 2018، باعتباره فرصة لاحتواء تداعيات حالة الطوارئ الصحية وتأثيراتها السلبية على وضعيتهم النفسية، خصوصا بعد التوقف المؤقت لمختلف البرامج التأهيلية والتربوية الجماعية حيث تم تنفيذ البرنامج في 25 مؤسسة سجنية لفائدة 4858 سجينا حدثا من بينهم 106 نزيلات، وذلك مقابل 3236 نزيلا سنة 2019 أي بزيادة بلغت نسبتها 50 في المائة .
وقد واصلت المندوبية العامة أنشطة الوعظ والإرشاد وتحفيظ القرآن الكريم بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث استفاد 24590 سجينا في مطلع سنة 2020 من دروس الوعظ والإرشاد كما تبارى 4125 سجينا في مسابقات دينية متنوعة.
وبخصوص برنامج مصالحة، فقد عرفت سنة 2020 تنظيم الدورة السادسة والتي شارك فيها 32 معتقلا على خلفية قضايا التطرف والإرهاب، استفاد 14 سجينا منهم من العفو الملكي.
وواصلت المندوبية العامة تعزيز أمن المنشآت السجنية وتوفير التجهيزات والمعدات الأمنية اللازمة، إضافة إلى إنجاز تقييم حول المنع النهائي لإدخال قفة المؤونة بالمؤسسات السجنية وكذا إصدار “دليل تدبير السجناء الخطيرين”.
ومواصلة للجهود المبذولة قصد تأهيل البنيات التحتية وتعزيز التجهيزات بالمؤسسات السجنية، تم خلال سنة 2020 افتتاح 3 سجون محلية بكل من بركان والعرائش ووجدة بطاقة استيعابية إجمالية تقدر بـ 4400 سرير، مقابل إغلاق 3 سجون (السجنان القديمان ببركان ووجدة والسجن المحلي بالقصر الكبير). كما ركزت المندوبية العامة على تجويد التغذية وتحسين مستوى النظافة.
وسعيا منها إلى تخليق الفضاء السجني ونشر ثقافة حقوق الإنسان في صفوف الموظفين، أطلقت المندوبية العامة برنامج تكوين في مجال حقوق الإنسان والوقاية من التعذيب يهم تنظيم 13 دورة لفائدة 85 موظفا، إلا أنه تم تأجيله إلى سنة 2021 حيث سيتم تعميمه على جميع موظفي الحراسة والأمن ومسؤولي السجون.
كما تابعت المندوبية العامة تدبير الشكايات التي تتوصل بها عبر الوسائل التي أحدثتها لتعزيز حق السجناء والمرتفقين في التشكي، وقد توصلت بـ3970 شكاية منها 1516 موجهة للمندوبية العامة وتدخل في مجال اختصاصها، منها 1477 من طرف السجناء و39 من طرف المرتفقين.
وبخصوص الرعاية الصحية بالمؤسسات السجنية، فقد عرفت سنة 2020 إحداث وحدات طبية جديدة، وإعادة تأهيل الوحدات القديمة، وتعزيز التجهيزات والمعدات الطبية، واقتناء سيارات إسعاف، والرفع من عديد الأطر الطبية وشبه الطبية من خلال توظيف 12 طبيبا في مجال الطب العام و5 جراحي أسنان و41 ممرضا، إضافة إلى الاستعانة ب 19 طبيبا متطوعا لتعزيز التغطية الطبية بالمؤسسات السجنية التي لا تتوفر على طبيب قار.
وابرزت المندوبية في هذا السياق أن معدل التأطير الطبي عرف تحسنا ملموسا، حيث انتقل في مجال الطب العام من طبيب لكل 899 سجينا سنة 2019 إلى طبيب لكل 825 سجينا سنة 2020، كما تحسن معدل التأطير في مجال طب الأسنان ليبلغ طبيبا لكل 1118 سجينا سنة 2020 مقابل طبيب لكل 1167 سنة 2019.
وقد بلغت نسبة السجناء المستفيدين سنة 2020 من تغطية طبية دائمة في مجالي الطب العام وطب الأسنان على التوالي 86 في المائة و 89 في المائة .
ونظرا للوضعية الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، وسعيا منها إلى توفير الوقاية اللازمة للساكنة السجنية عملت المندوبية العامـة على إحداث وحدة مركزية لليقظة، كما قامت بمجموعة من الإجراءات لتدبير الجائحة بالمؤسسات السجنية، حيث قامت بإجراء 86047 عزلا طبيا لفائدة المعتقلين الوافدين من حالة سراح على المؤسسات السجنية، و1205036 فحصا طبيا للنزلاء بشأن كوفيد-19، فضلا عن استفادة 268434 نزيلا من خدمات تحسيسية و 42849 موظفا من خدمات تحسيسية، إضافة إلى 1740 استشارة نفسية و10583 تحليلا مخبريا منجزا داخل المؤسسات السجنية.
ومن أجل تثمين الموارد البشرية وتعزيز الحكامة قامت المندوبية العامة بتوظيف 303 موظفين جددا كما تم تنظيم عدد من دورات التكوين المستمر استفاد منها 1668 موظفا في الثلاثة أشهر الأولى لسنة 2020، إضافة إلى دورات تكوينية عن بعد لفائدة 163 موظفا إلى جانب مواصلة التكوين في ماستر “المؤسسة السجنية: الوقاية وإعادة الإدماج” لفائدة الفوج الثالث الذي يضم 20 موظفا وكذا تسجيل الفوج الرابع الذي يضم 25 موظفا برسم الموسم الجامعي 2020/2021.
واتخذت المندوبية العامة عدة إجراءات تحفيزية لموظفيها تمثلت أساسا في استفادة 5668 موظفا من أقدمية اعتبارية ل 18 شهرا لتصبح نسبة المستفيدين 100 في المائة ، كما تم تمكين 445 موظفا من الاستفادة من الحركة الانتقالية.
وفي إطار حزمة الإجراءات التي أعلنت عنها المندوبية العامة للتصدي لكوفيد-19 تم اعتماد حجر صحي شامل لـ8860 موظفا من بينهم 691 موظفة داخل المؤسسات السجنية موزعين على فوجين، مع تعبئة 120 موظفا بالمؤسسات السجنية وتوفير الإقامة لهم بالمركز الوطني لتكوين الأطر بتيفلت لضمان جاهزيتهم للتدخل عند حدوث أي طارئ .
وأشار التقرير إلى أنه تم تكليف موظف على مستوى كل مؤسسة سجنية من أجل تقديم الدعم الاجتماعي لأسر الموظفين الخاضعين للحجر، كما تم وضع COVID19 – DGAPR – PSY رهن إشارة الموظفين العاملين بالسجون من أجل الحصول على إرشادات وتوجيهات لتجاوز بعض التأثيرات النفسية المرتبطة بالظرفية الاستثنائية.
وأضاف أن المندوبية العامة أولت اهتماما خاصا بتطوير الإدارة الالكترونية، حيث تم تثبيت نظم معلوماتية شملت مجالات تدبير الساعات الإضافية والليلية لموظفي المؤسسات السجنية، وتدبير تنقلات الموظفين بالإدارة المركزية والمديريات الجهوية والمؤسسات السجنية، إضافة إلى تثبيت نظام التقنية البيومترية لضبط هوية السجناء بـ20 مؤسسة سجنية، وكذا تثبيت المنصة الالكترونية “زيارة” بـ6 مؤسسات سجنية.
وتم يوم 06 فبراير2020 التوقيع على اتفاقية شراكة بين المندوبية العامة ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بشأن إحداث فضاء الكتروني خاص بعائلات السجناء لتمكينهم من تتبع البرامج والخدمات الموجهة لأقربائهم نزلاء السجون، والاطلاع على إبداعاتهم وإنتاجاتهم بالوسط السجني، فضلا عن قيام المندوبية العامة بمجموعة من الإجراءات تروم دعم الشبكة المعلوماتية وتعزيز الأمن المعلوماتي.
وخلص التقرير إلى انه تم في مجال التوثيق وحفظ الذاكرة تعزيز رصيد الإصدارات المؤسساتية بإصدار مؤلف “الكرامة بالوسط السجني: التأهيل لإعادة الإدماج”، وكذا الشروع في إحداث متحف للسجون والرفع من تواصلها مع العالم الخارجي حيث حرصت على مواصلة انفتاحها على وسائل الإعلام وتفاعلها مع الآليات الرقابية لتقديم كل المعطيات المرتبطة بقطاع السجون وإعادة الإدماج، فضلا عن مساهمتها في أشغال اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي عبر إعداد ورقة تحت عنوان “الشأن السجني وسجون الغد، مساهمة المندوبية العامة في أشغال اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد”.