تم خلال فعاليات المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي تنظمه اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا) استعراض جوانب من التجربة المغربية بخصوص التعافي من آثار جائحة كورونا.
وبهذه المناسبة أبرز امحمد كرين، سفير المملكة في لبنان أن المملكة المغربية، نهجت تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، استراتيجية ارتكزت على جملة من التدابير الاستباقية، على مختلف الأصعدة.
وأوضح أنه على المستوى الصحي، اعتمدت المملكة استراتيجية فعالة جعلتها من السباقين إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية، ومكنتها من الانخراط في حملة تلقيح مجانية وواسعة النطاق، بوأتها مكانة بين الدول العشرة الأوائل عالميا في هذا الباب.
وتابع أن حملة التطعيم تهدف إلى تحقيق معدل تغطية لا يقل عن 80 بالمائة، أي حوالي 25 مليون شخص، لضمان المناعة الجماعية، بناءً على مبادئ المجانية والشفافية والتضامن والتطوع.
كما تطرق الدبلوماسي المغربي لإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة كورونا، قصد دعم النظام الصحي والتخفيف من آثاره على الأسر والمقاولات، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر هشاشة والفئات العاملة في القطاع غير المهيكل، مذكرا أنه تم رصد مبلغ 10 مليار درهم عند إنشاء الصندوق، لتتجاوز اعتماداته، بفضل التبرعات الطوعية للأشخاص الذاتيين والمعنويين، وكذا عدد من المؤسسات العمومية والخاصة، 33 مليار درهم.
أما على المستوى الاقتصادي، فأشار السيد كرين إلى أن الحكومة اعتمدت خطة للإنعاش تمتد إلى متم 2021، وتشمل تدابير استعجالية لدعم المقاولات، منها تسهيل الولوج إلى التمويلات البنكية، وتعزيز آليات الضمان، والتخفيف من حدة الانعكاسات السلبية على التوازنات الماكرو-اقتصادية الكبرى، والحفاظ على مجهود الاستثمار العمومي مع تحفيز الاستثمار الخاص النوعي، لاسيما من خلال برنامج “التميز التكنولوجي” الذي يهدف إلى تمويل 30 بالمائة من تكلفة الاستثمار المخصص لإنتاج المعدات المستخدمة في مكافحة فيروس كورونا.
وفضلا عن ذلك، ذكر السفير المغربي بإحداث “صندوق محمد السادس للاستثمار” الذي ساهم في رفع الاستثمار العام في موازنة 2021 إلى مستوى غير مسبوق قدره 230 مليار درهم.
وأكد أن التدابير التي اتخذتها السلطات المغربية على المدى المتوسط، تندرج في إطار خطة للإقلاع الاقتصادي، بينما تتواصل على المدى البعيد الجهود من أجل جعل المغرب منصة صناعية خالية من الكربون.
وفي الشق الاجتماعي، قال كرين إن المملكة المغربية انكبت على مراجعة شاملة لمنظومة الحماية الاجتماعية، لاسيما من أجل تعميم التغطية الصحية الأساسية، وتطوير خدمات الرعاية الاجتماعية، وتحسين منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي.
وسجل أن المساعدات العمومية للمتضررين من الجائحة خفففت بشكل ملحوظ من آثار الحجر الصحي على مستويات معيشة الأسر المغربية، حيث انخفض معدل الفقر وفق تقديرات رسمية بمقدار 9 نقاط مئوية على المستوى الوطني، كما تقلصت الهشاشة بمقدار 8 نقاط والفوارق الاجتماعية بمقدار 6 نقاط بعد تقديم هذه المساعدات.
وخلص الدبلوماسي المغربي إلى أن المملكة المغربية ظلت في سياق الجائحة متشبثة بروح التضامن في إطار التعاون جنوب-جنوب، والتي تجسدت عملياً في سياق أزمة كوفيد في المبادرة العملية التي أطلقها جلالة الملك متمثلة في الجسر الجوي الذي أقامته المملكة المغربية نحو حوالي 20 دولة أفريقية، لنقل مساعدات دوائية وطبية من أجل مساعدتها للتصدي لجائحة كوفيد-19.
ويعرف المنتدى مشاركة ممثلين من مستوى رفيع عن الحكومات العربية من وزراء وكبار المسؤولين وخبراء في مجال التخطيط، ومسؤولين وخبراء في مجال التنمية والبيئة والتشغيل والموارد الطبيعية والبيانات والإحصاءات والتمويل والتكنولوجيا، وممثلين عن المنظمات الحكومية الإقليمية وشبكات ومنظمات المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة في المنطقة العربية ومؤسسات ومعاهد أكاديمية متخصصة.
وينظم المنتدى هذا العام تحت عنوان “إسراع العمل نحو خطة عام 2030 ما بعد كوفيد”، ويتناول على مدى ثلاثة أيام عدة محاور أبرزها “تسريع العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في سياق التعافي من أزمة كوفيد-19” و “المتابعة والاستعراض على الصعيدين الوطني والإقليمي، بما في ذلك الاستعراضات الوطنية الطوعية”.