اعتراف أممي بالجهود المغربية لرأب الصدع بين الأطراف الليبية المتنازعة منذ سقوط “جمهورية القذافي”، رغم التشابكات الدولية التي سعت إلى إبعاد الرباط عن الملف الذي وجد طريقه إلى الحلّ بعد استضافة المملكة للكثير من اللقاءات الدبلوماسية المثمرة.
وقد حرصت البعثة الأممية بليبيا على هندسة المنصات الحوارية التي احتضنتها العواصم الإقليمية؛ بينها الرباط التي حرصت على إنجاح المحادثات السياسية بين الفصائل الليبية، وهو ما تأتى من خلال لقاءات بوزنيقة وطنجة التي حسمت في آليات التعيين حول المناصب السيادية.
وأشاد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش، في هذا الصدد، بالإرادة المغربية في ما يتعلق بالملف الليبي، مشيرا إلى مساهمة الجلسات المهمة التي احتضنها المغرب في التوصل إلى اتفاق حول آليات التعيين في المناصب السيادية الليبية.
وعبّر يان كوبيش، خلال الاتصال الهاتفي الذي جمعه بوزير الخارجية المغربي، عن استعداده لتعزيز التنسيق والتشاور مع المملكة بخصوص الأزمة الليبية في المستقبل، نظرا إلى الدينامية الجديدة التي يشهدها الملف، التي تجلت في تعيين حكومة مؤقتة جديدة من طرف البرلمان.
وتعليقا على ذلك، قال إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إن “تصريحات المبعوث الأممي تحصيل حاصل، فلا جدال بخصوص المجهودات المغربية في سبيل رأب الصدع الليبي منذ تفجر الأزمة، حيث ثمّنت الأمم المتحدة، من خلال قرار مجلس الأمن الشهير، مخرجات اتفاق الصخيرات الذي يعد إلى حدود الساعة أهم مكتسب حققه الليبيون”.
وأوضح لكريني أن “اتفاق الصخيرات اعتمد عليه الفرقاء لبناء المؤسسات وإرساء مرحلة انتقالية كفيلة بتثبيت الاستقرار والسلم داخل ليبيا”، مشددا على أنه “لا يمكن إغفال الجهود الأخيرة التي قادها المغرب على مستوى استضافة الفرقاء بكل من بوزنيقة وطنجة”.
وأكد الأستاذ الجامعي رئيس منظمة العمل المغاربي أن “تلك اللقاءات عرفت حضورا وازنا لمختلف الأطراف المتصارعة، الأمر الذي ساهم في الانتقال المفصلي لتدبير الأزمة من الأطراف الخارجية صوب الفاعل الليبي، الذي نجح في إرساء معالم الحوار الليبي-الليبي، حيث ظهرت نتائجه من خلال الاتفاق على آليات التعيين في المناصب السيادية وتشكيل الحكومة”.
وخلص المتحدث إلى أن “جميع الأطراف اقتنعت بأن المغرب يتوفر على كل المقومات التي جعلته وسيطا بناء بين الأطراف الليبية، لأنه وضع المسافة نفسها من كل الفرقاء، وظل بذلك يدعم الاستقرار الليبي دون الاصطفاف خلف هذا الطرف أو ذاك، بخلاف مجموعة من اللقاءات الأجنبية التي غلبت المصالح الذاتية”.