وقال السيد المريني إن “التراث الشعبي المغربي تراث غير مادي يجسد بكل ألوانه وأبعاده الحضارية، وبصنفيه المكتوب والشفوي، الامتزاج الثقافي المغربي متعدد الأصول الامازيغية والإفريقية والصحراوية والاندلسية والعربية، ويتطور تطورا ملموسا في مواضيعه وأشكاله وتنوعاته ومظاهره في مواجهة العولمة وهيمنتها القاضية”.
وأبرز في هذا الصدد أن هذا ما يجعل “المهتمين بهذا التراث والباحثين في كنوزه مسؤولين عن حمايته من الاندثار وصيانته من الضياع، وإبرازه في أحسن صورة بعيدا عن كل تشويه”، لاسيما وأن “روافد ثقافتنا الشعبية المغربية بكل أنماطها تعبر عن تمظهرات اقتصادية واجتماعية ودينية وفنية وتختزن رموزا كثيرة وتؤكد على هويتنا وتؤثث تاريخنا وتربط ماضينا بحاضرنا”.
فحسب مؤرخ المملكة، فإن “ثقافتنا الشعبية المغربية ليست فقط مرآة لمظاهر حياتنا وأشكالها، وصورة نضرة لكنوز مجتمعنا الفنية، وإنما تعتبر أيضا من وسائل التأثير على مسيرة حياتنا التي تتكيف مع كل أشكال وألوان الحضارة الإنسانية التي تسير اليوم بخطى عملاقة لا يعرف مداها”.
وسافر السيد المريني بالحاضرين عبر كلمته في رحلة ماتعة استحضرت نماذج متعددة من التراث الشعبي المغربي متعدد الألوان، ويشمل العادات والأعراف والتقاليد والمهارات المرتبطة بالفنون اليدوية التقليدية، والعلاج الطبي التقليدي، والمواسم الخريفية والربيعية والصيفية، والمهرجانات الموسيقية والشعبية والاندلسية والملحونية وأطباق الأطعمة التقليدية بجميع اصنافها.
كما استحضر السيد المريني غنى وتنوع المجموعات الغنائية التراثية المغربية، والطوائف الدينية بترميزات أعضائها وجذبتهم من قبيل “حمادشة وعيساوة ودرقاوة”، ومنشدي الأمداح والسماع في حلقات الذكر الصوفي والحضرة والعمارة، إلى جانب الدقة المراكشية وكناوة.
السيد المريني الذي أكد أن المجال يضيق بذكر كل تلاوين وتمظهرات التراث الشعبي المغربي، عرج في حديثه أيضا على الطقوس والأنماط الفرجوية من قبيل الفانتازيا والتبوريدة، وتظاهرات أخرى من قبيل الاحتفال بيوم عاشوراء، وشعبانة، والأعياد الدينية والتقاليد المواكبة لها.
الاحتفالات العائلية كالزواج والعقيقة والختان والصوم الأول في ليلة القدر للأطفال ذكورا وإناثا، والفطام.
ولم تخل محاضرة السيد المريني من الطرفة وهو يحكي نماذج من النكت المغربية بوصفها “ركنا من أركان التراث الشعبي المغربي”، مشيرا إلى أن النكتة تؤثر في النفس باعتبارها تبعث على الضحك وتضطلع بدور كبير في الترفيه عن النفوس وخاصة في ظروف الازمات والمعاناة.
وفي تصريح للصحافة عقب هذه المحاضرة، قال السيد المريني إنه اختار لها موضوعا قلما يتعرض إليه المحاضرون للتعريف به لأنه بدأ ينقرض”.
وأكد السيد المريني في هذا الصدد أنه أخذ على عاتقه “مهمة البحث في الموضوع والمحاضرة في فنونه وألوانه من مواسم فلاحية ثقافية وحكايات وخرافات واحاجي وامثال وعادات وتقاليد مغربية الشعبية التي يجب ان نعتني بها”، قبل أن يخلص إلى أن “التراث الشعبي جزء هام من الحضارة المغربية العريقة يجب العناية به وإظهاره للأجيال الصاعدة”.
وحسب ورقة تقديمية للمحاضرة، فإن الثقافة الشعبية أضحت اليوم ذلك الخزان الهائل لمختلف تعبيرات التراث الثقافي اللامادي، بما استجمعته على مر قرون، من طرائق عيش ومهارات وخبرات ومعارف وإبداعات وسمت المعيش اليومي للمجتمع، وشكلت شخصيته المتفردة في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وحسب المصدر ذاته، فإن المحاضرة الافتتاحية تأتي لتستكنه هذا الإرث الحضاري المشترك الذي نَحت روح الشخصية المغربية، من خلال تناول أوجه معبرة من هذا التراث الشعبي المتنوع والغني، مستهدفة بيان مكامن العناية به واستثماره الاستثمار الأرشد.
يشار إلى أن الدورة ال26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات ومكتب معارض الدار البيضاء، تعرف مشاركة 703 عارضين من المغرب والعالم العربي وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا، سيقدمون عرضا وثائقيا متنوعا يغطي مجمل حقول المعرفة ويتجاوز عدد العناوين المعروضة فيه 100 ألف عنوان.