بعد ثمانية أشهر من العطلة الإجبارية، عاد أزيد من 6 ملايين تلميذ جزائري، أول أمس الأربعاء، إلى فصول الدراسة، وسط مخاوف متنامية من تداعيات تفشي جائحة (كوفيد-19).
وإذا كانت سلطات البلاد قد قدمت تطمينات بشأن اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية من جائحة (كوفيد-19)، فإن أولياء التلاميذ ونقابات قطاع التربية عبروا عن مخاوفهم، معللين ذلك بأن “المدارس ليست جاهزة بعد” لاستقبال التلاميذ.
وتعزى هذه المخاوف إلى كون أغلبية المؤسسات التعليمية غير مزودة بوسائل الوقاية من وباء (كوفيد-19)، وخاصة المياه، التي تشكل عنصرا أساسيا في تطبيق البروتوكول الصحي، الذي تم إعداده لهذا الدخول المدرسي.
وندد الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين، بوعلام عمورة، باستئناف الحياة المدرسية بشكل “عشوائي”، محذرا من عواقب ذلك.
وقال “لسوء الحظ لم يتم القيام بأي شيء منذ الإعلان عن تاريخ الدخول المدرسي، مطلع الشهر الجاري، لتنظيف وتعقيم المدارس”، مؤكدا أن هناك مدارس محرومة إلى غاية اليوم من الماء، والمرافق الصحية في حالة “يرثى لها”.
وأضاف أن “وضع بروتوكول صحي أمر جيد، لكن تخصيص الاعتمادات المالية لتطبيقه أمر أفضل بكثير”.
من جهته، اعتبر المنسق الوطني للنقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مزيان مريان، أن السلطات لم تستغل المدة الزمنية القصيرة الفاصلة بين الإعلان عن رزنامة الدخول (الرابع من أكتوبر) ويوم استئناف الدراسة، قصد الاستعداد بشكل جيد.
وأشار إلى أن هناك تفاوتات في الاستعدادات بين المؤسسات التعليمية الواقعة بالمراكز الحضرية وتلك التي توجد في المناطق النائية بالبلاد.
ولاحظ أنه “ليس هناك حماس ولا شغف يدفعان إلى الاعتقاد بأن كل شيء جاهز بالنسبة للدخول المدرسي”.
من جانبه، لخص منسق أساتذة التعليم الابتدائي، بشير قيواس، الوضع قائلا إنه “لا شيء يتم وفق المعايير”، مبرزا أن غالبية الأساتذة ليسوا على علم بالتوزيع الجديد للأفواج المدرسية، ولا بالجانب المرتبط بالتوزيع الزمني.
وعبر هذا النقابي عن مخاوفه من رفع محتمل في ساعات عمل معلمي المرحلة الابتدائية، والذين سيكون عليهم مواجهة مشكل اكتظاظ الأقسام، والنقص في البنيات التحتية، على الرغم من إثارة انتباه السلطات العمومية.
وتابع أن ما يزيد من مخاوف المدرس وزملائه، هو الجانب الصحي المرتبط بجائحة (كوفيد-19).
وأعرب عضو تنسيقية أساتذة الابتدائي عن “شكوكه”، مبديا قلقه بوضوح إزاء غياب الإجراءات الوقائية. وقال بهذا الخصوص “نحن في الجبهة دون أسلحة، نحن في وضع خطير جدا”، مطالبا باتخاذ تدابير استثنائية أمام حالة لا تقل استثنائية.
أما هيئات التدريس، فليس أمامها سوى “التعايش” مع الفيروس، على اعتبار أن ضعف الوسائل المالية يشكل عائقا كبيرا أمام تطبيق البروتوكول الصحي الذي وضعته السلطات.
وأوضح أحمد فطوم، منسق المجلس الوطني لمديري الثانويات، أن المدارس تجد نفسها، ضمن هذه الاستراتيجية للتعايش مع الفيروس، في مواجهة تحد جديد، يتمثل في وضع بروتوكول صحي، على الرغم من تقليص الاعتمادات المالية بنسبة 60 في المائة.
ويرى فطوم أن تطبيق البروتوكول “مستحيل” في كافة المؤسسات التعليمية، بالنظر إلى أن الموارد المالية التي تتوفر عليها المؤسسات، على مستوى جميع الأسلاك، لا تتماشى مع متطلبات الوضع الصحي الحالي.
وأعرب عن استيائه لكون “الميزانية السنوية لثانوية تضم 500 تلميذ تناهز 900 ألف دينار جزائري (6000 دولار)، تخصص نسبة 40 في المائة منها لتسديد فواتير الماء والكهرباء والغاز”.
وأوضح أن ما يتبقى لا يكفي لاقتناء، طيلة السنة، الأقنعة ومحاليل التعقيم ومواد التنظيف الضرورية للتعقيم اليومي للمؤسسات، مشيرا إلى أن الميزانيات المخصصة للمدارس الابتدائية أقل بكثير من تلك الموجهة للثانويات.
وفي غياب الوسائل الكافية لضمان تطبيق جيد للبروتوكول الصحي، تقول السلطات الجزائرية إنها تراهن، في عملية تحسيس الأطفال، على الوعي الجماعي، وخاصة مشاركة أولياء التلاميذ، الذين يجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم، مع هذا التنظيم الاستثنائي الذي تمت صياغته على المقاس من أجل ضمان استئناف تدريجي للدراسة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد عودة تلاميذ الطور الابتدائي لاستئناف الدراسة، والتي ستتم على عدة مراحل، تمت برمجة عودة تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي إلى فصولهم، يوم الرابع من نونبر المقبل.