صدر تقرير للأمم المتحدة والمجلس الدانماركي للاجئين يوم الإربعاء 29 يوليوز ، وورد فيه أن الآلاف من اللاجئين والمهاجرين يموتون في شرق وغرب أفريقيا ، بينما يواجه آخرون إساءة شديدة ، في محاولاتهم للوصول إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط ، بحثاً عن حياة أفضل .

وبحسب موقع أخبار الأمم المتحدة الإلكتروني كشفت الشهادات التي نشرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين  ومركز الهجرة المختلطة في مجلس اللاجئين الدنماركي عن عمليات قتل عشوائية وتعذيب وسخرة وضرب.

وكشف مهاجرون ولاجئون تعرضهم للحرق بالزيت الساخن والبلاستيك المنصهر، بينما واجه آخرون الصعق الكهربائي بالإضافة إلى ربطهم في أوضاع قاسية.

وفي حديث للصحفيين من جنيف، صرح “فنسنت كوشيتيل” المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين لمنطقة وسط البحر الأبيض المتوسط، بأن المهربين والمتاجرين بالبشر هم المسيئون الرئيسيون، وكذلك مسؤولون حكوميون. وأضاف:

في 47 في المائة من الحالات، أفاد الضحايا بأن مرتكبي العنف هم سلطات إنفاذ القانون. كنا نعتقد في الماضي أن المهربين والمتاجرين هم المسؤولون بشكل رئيسي. نعم، إنهم مرتكبوا العنف الرئيسيون، لكن الجناة الأساسيين الذين يرتكبون العنف هم أشخاص يفترض بهم أن يوفرون الحماية.”

أكثر من 70 حالة وفاة في الشهر

وعلى الرغم من الصعوبة الكبيرة في الحصول على بيانات دقيقة، تشير البيانات إلى أن 1750 شخصا على الأقل لقوا حتفهم في طريقهم من غرب أو شرق أفريقيا إلى دول بما في ذلك ليبيا أو مصر أو الجزائر في الفترة بين 2018 و2019.

وقالت المفوضية في بيان إن هذا يمثل أكثر من 70 حالة وفاة في الشهر، “مما يجعلها واحدة من أكثر الطرق فتكا للاجئين والمهاجرين في العالم”.

وفقا للوكالة الأممية، لقي ما يقرب من ثلاثة من كل عشرة أشخاص مصرعهم عندما حاولوا عبور الصحراء الكبرى. وشملت المناطق الأكثر فتكا مواقع في جنوب ليبيا مثل سبها والكفرة والقطرون، بالإضافة إلى “مركز التهريب” في بني وليد، جنوب شرق طرابلس، وعدة أماكن على طول الجزء الغربي من طريق المهاجرين، بما في ذلك باماكو في مالي وأغاديس في النيجر.

وحتى تاريخ اليوم من العام الحالي، لقي 70 شخصا على الأقل مصرعهم، من بينهم 30 شخصا قتلوا على أيدي المتاجرين بالبشر، في منطقة المزدة بجنوب ليبيا، في يونيو الماضي، وكان معظم الضحايا من بنغلاديش والدول الأفريقية.

عمليات القتل مستمرة في البر والبحر

وفي مذكرة مصاحبة للتقرير، أشارت المفوضية إلى أن الوفيات التي تحدث في البرية تضاف إلى “الآلاف ممن ماتوا أو فقدوا” في السنوات الأخيرة، في محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أوروبا، عادة في سفن غير صالحة للإبحار.

وقال كوتشيتيل: “يمكننا أن نعتبر أن ما يقدر بـ 72 بالمائة، على أقل تقدير، ماتوا برا حتى قبل الوصول إلى ليبيا أو المغرب أو مصر، وهي الأماكن التي يبدأون منها هجرتهم. هذا تقدير منخفض في رأينا، بمعنى أن عدد الوفيات على الأرض هو تقريبا نفس عدد الوفيات في البحر للفترة بين 2018-2019”.

ليبيا ليست المكان الوحيد

ومن بين نتائج التقرير، دليل واضح على أن ليبيا ليست المكان الوحيد الذي يواجه فيه المهاجرون واللاجئون مخاطر تهدد حياتهم.

وقال عثمان بلبيسي، كبير المستشارين الإقليميين لمدير منظمة الهجرة الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “إن الإساءات في الواقع تستمر على طول الطريق، بل إنها تبدأ أحيانا في بلد المنشأ وتتبع الأشخاص أثناء تنقلهم، خاصة وأنهم يتحركون على أيدي هؤلاء المهربين والمتاجرين. لا يعرف الأشخاص مواقعهم وليست لديهم وسائل اتصالات، لذلك حتى إذا مات الناس أو فقدوا، فمن الصعب جدا التحقق أو معرفة مكان فقدانهم.”

دعوة لمساعدة الناس الضعفاء أثناء التنقل

ووصف كوشيتيل نتائج التقرير بأنها “غير مقبولة،” ودعا إلى اتخاذ إجراءات لمساعدة الأشخاص الضعفاء أثناء التنقل، مشيرا إلى أن التدابير المتفق عليها دوليا بغرض استهداف الشركات والأفراد المتورطين في تهريب الأشخاص قد حققت نجاحا محدودا.

وقال: “لم نتمكن من إدراج أسماء جديدة للمُتاجِرين خلال العامين الماضيين، ولم تكن لدينا حالة اعتقال واحدة لمُتاجِر واحد ممن فرضت عليهم الأمم المتحدة عقوبات خلال العامين الماضيين. فلماذا لا تفعل الدول مثل ما تفعله مع الاتجار بالأسلحة أو الإرهاب أو الاتجار بالمخدرات؛ لماذا لا نتتبع تدفقات الأموال، لماذا لا نلاحق هؤلاء الأشخاص بجدية ونحاول مكافحة الإفلات من العقاب.”

سؤال بشأن الجدية في إيجاد حلول

وأكد فنسنت كوشيتيل، المبعوث الخاص لمفوضية اللاجئين لمنطقة وسط البحر الأبيض المتوسط، بأن حوالي 85 بالمائة من اللاجئين يقيمون، عادة، في أول بلد يصلون إليه، مجددا التأكيد على الحاجة إلى الاستثمار في بلدان المنشأ لتزويد الناس اليائسين ببدائل تغنيهم عن الاضطرار إلى وضع حياتهم بين أيدي المتجرين.

وقال كوتشيتيل: “الوصول إلى التعليم أمر صعب، فضلا عن غياب الاندماج الاجتماعي والاقتصادي في العديد من البلدان. أما الوصول إلى الرعاية الطبية فهو غير متاح، لقد رأينا ذلك خلال أزمة كوفيد-19 في العديد من بلدان عبور المهاجرين أو اللاجئين، لذلك هناك الكثير الذي يتعين القيام به تحت مظلة الشمول هذه.”

مشيرا إلى حقيقة أن ليبيا ليست آمنة للاجئين والمهاجرين، ممن تعيدهم قوات خفر السواحل الليبي من محاولات عبور البحر الخطرة، دعا بلبيسي إلى حلول خارج الدولة التي مزقتها الحرب. وأضاف “لا ينبغي أن يكون الحل في بلد واحد فقط، بل إن الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط ​​يتحمل أيضا مسؤولية كبيرة؛ عليكم أن تفهموا أن دولا مثل ليبيا، التي تمر بأزمة حرب أهلية، حيث يموت الناس وينزحون بأعداد كبيرة، ليست ميناء آمنا. لذلك إذا قررنا أو فكرنا في إعادة الناس إلى بلد غير آمن، أعتقد أن ذلك يقدح في مدى جديتنا في التوصل إلى حل.”